كالشس يمنعك اجتلاؤك نورها … فإذا اكتست برقيق غيم أمكنا
وكان المترجم بـ "دمشق" في أحد قدوماته إليها، وكان ممن يصحبه، ويرافقه الشيخ مصطفى العمري الدمشقي المقدم ذكره، ففي أحد الأيام وقف في محلة القباقبية بالقرب من دار العمرى المذكور هو وإياه، فنظر إلى غلام هناك في حانوت، يبيع التتن، قده مائل، وورد خدوده غير ذابل بحسن، راق مجتلاه، وفاق نور سنا محياه، وله خال، يجلس معه في الحانوت، وأيضًا على خدّه خال كفتيت المسك في صحيفة الياقوت، فقال المترجم: هل تبيعني شيئًا من التتن، فقال: ولا بأس، ووضع له شيئًا من ذلك، وفت عليه سحيق مسك، كان في ورقة، وقال له الغلام: هذا المسك من خالي، وأراد به خاله الذي هو أخو والدته، فعند ذلك طرب المترجم من هذه الموافقة والقضية، وأنشد ناظمًا هذين البيتين من فكرته السنية، فجرت فيهما التورية اللطيفة وهما قوله:
بحبة مسك قد حباني جؤذر … وأشجى فؤادًا كان عن حبه خالي
وقال ألا لا تحسب المسك من دمي … لكوني غزالًا إنما المسك من خالي
وله في وصف جواد سابق:
وطرف لجيني الإهاب تخاله … شهابًا إذا ما انقض في موقف الزحف
يسابق برق الأفق حتى إذا رنا … يسابق في مضمار موقع الطرف