للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سوى محبَّة الْعلم، وَكَانَ يفتخر بتدريس سلطانية "بروسه" فَوق مَا يفتخر بِقَضَاء الْعَسْكَر، وَتَعْلِيم السُّلْطَان مُحَمَّد خَان، قَالَ: وَكَانَ لي وقتئذ مائَة ألف دِرْهَم، ثمَّ إن السُّلْطَان مُحَمَّد خَان أمرَهْ بالمباحثة مَعَ الْمولى زيرك، حَتَّى ألزمه وأعطاه مدرسته بـ "قسطنطينية"، وَقد مرّ ذكره مشروحا، واشتغل بِتِلْكَ الْمدرسَة اشتغالا عَظِيما.

وصنف هُنَاكَ "كتاب التهافت" بِأَمْر السُّلْطَان، وَقد مر ذكره أيضا، ثمَّ إنه استقضي ببلدة "أدرنه"، ثمَّ استقضي بِمَدِينَة "قسطنطينية" يَحْكِي وَالِدي عَن الْمولى العذاري أنه قَالَ: الْمُصِيبَة كل الْمُصِيبَة قبُوله الْقَضَاء، إذ لَو داوم على الِاشْتِغَال الَّذِي كَانَ هُوَ عَلَيْهِ لظهر لَهُ آثَار عَظِيمَة فِي الْعلم، بِحَيْثُ يتحير فِيهِ أولو الألباب.

ثمَّ إن السُّلْطَان مُحَمَّد خَان جعل مُحَمَّد باشا القرماني وزيرا، وَكَانَ هُوَ من تلامذة الْمولى عَليّ الطوسي، وَكَانَ متعصبا لذَلِك على الْمولى خواجه زَاده، فَقَالَ للسُّلْطَان مُحَمَّد خَان: إن خواجه زَاده يشكو من هَوَاء "قسطنطينية"، وَيَقُول: قد نسيت مَا حفظت من الْعُلُوم، ويمدح هَوَاء "أزنيق"، فَقَالَ السُّلْطَان: أعطيته قَضَاءَهُ مَعَ مدرسته، فَذهب إلى "أزنيق" امتثالا لأمره.

ثمَّ ترك قَضَاءَهُ، وَقَالَ: إنه مَانع لاشتغالي بِالْعلمِ، وَبَقي مدرسا بهَا إلى أن مَاتَ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان، عَلَيْهِ الرَّحْمَة والرضوان، وَفِي ذَلِك قَالَ بعض من تلامذته، وَهُوَ المرحوم الْمولى سراج الدّين:

وُجُوه اعْتِرَاف قد عنت لَك سَيِّدي … ويرجى عنايات وَيظْهر تعنيت

وتعطس عَن أنف من الْفضل شامخ … وَلَيْسَ يرى غير الشماتة تشميت

رَأَيْت هذَيْن الْبَيْتَيْنِ مكتوبين بِخَط الْمولى خواجه زَاده فِي ظهر كتاب "التَّوْضِيح"، وَقَالَ هُنَاكَ للأخ الْفَاضِل مَوْلَانَا سراج الدّين المرحوم فِي حق الْفَقِير الحائر عِنْد معاداة الْوَزير الجائر، ثمَّ إن الْمولى خواجه زَاده أتى من بَلْدَة

<<  <  ج: ص:  >  >>