كالعين الجارية في سكك القلعة من كل جانب إلى مخارج الماء منها، وبلغ عدد القتلى من الكفرة تسعة عشر ألفا سوى من غلق بابه، واحترق، وسوى أتباعهم، فلما وصل السلطان إلى دار سلطنة الخلجي التفت إليه، وهنّأه بالفتح، وبارك له في الملك، وأشار بيده المباركة إلى الباب، وقال له:{بِسْمِ اللَّهِ ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ}، وعطف عنانه خارجا من القلعة إلى القباب، ودخل الخلجي منزله، واجتمع بأولاده وأهله، وسجد شكرا لله سبحانه.
فلما بلغ مندلي رأي شهق شهقة، وغشي عليه، وسمع رأنا سانكا بعادل خان، وقد قرب من "أجين"، فاضطرب، وقال لمندلي رأي: ما هذه الشهقة؟ قد قضي الأمر، فإن عزمت على أن تلحق بأصحابك، فها عادل خان يسمع نفيره، وإلا فأدرك نفسك، ثم أمر به، فحمل على فيل، وخرج من "أجين" إلى "جهاته" خائبا سعيه.
وتبعه عادل خان إلى "ديبالبور"، وتوقف بها، حتى جاءه الطلب، ثم إن الخلجي تفقد ذخائره، وهيّأ الضيافة، ونزل إلى مظفر شاه السلطان، وسأله التشريف بالطلوع، فأجابه، فلما فرغ من الضيافة دخل به العمارات، التي من آثار أبيه وجدّه، فأعجب بها، وترحم عليهم، ثم جلسا في جانب منه، وشكره الخلجي، وقال: الحمد لله الذي بهمتك رأيت بعيني ما كنت أتمناه بأعدائي، ولم يبق لي الآن أرب في شيء من الدنيا، والسلطان أولى بالملك مني، وما كان لي فهو له، فأسالك قبول ذلك، وللسلطان أن يقيم به من شاء، فالتفت السلطان إليه، وقال له: أول خطوة خطوتها إلى هذه الجهة كانت لله تعالى، والثانية كانت لنصرتك وقد نلتها، فالله يبارك لك فيه، ويعينك عليه.
فقال الخلجي: خلا الملك من الرجال فأخشى ضياعه، فأجابه مظفّر شاه المظفر الحليم، وقال له: أما هذا فمقبول، سيكون آصف خان