فأجاب القاضي: أن الأموال التي غنمتها في "ديوكير" في أيام الإمارة غنمتها بعساكر المسلمين، فهي لبيت مالهم، فلو كنت حصلتها بجهد نفسك على وجه يبيحه الشرع كانت تلك الأموال خاصّة لك.
فلما سمع السلطان ذلك غضب عليه، وقال: كيف تقول؟
ألا يعلم رأسك ما تقول؟
الأموال التي أخذتها بجهد نفسي وقوة خاصّتي من الخدم، وحصلتها من الكفّار الذين لا يعلمهم أحد في "دهلي"، وما أدخلتها في بيت المال كيف تكون لبيت المال؟
ثم سأله أنه كم لي ولأهلي وعيالي نصيب من بيت المال؟
فقال القاضي: إني أظنّ أن الموت قد دنا منّى.
فقال السلطان: لم تقول ذلك أيّها القاضي؟
قال: لأن السلطان سألني عن مسئلة إن أجبت عنها بما يوافق الشرع يقتلني، وإن أجبت بما يوافق هواه يدخلني الله في النار يوم القيامة.
فقال السلطان: إني لست بقاتلك.
فقل ما بدا لك.
فقال: إن اقتدى السلطان بالخلفاء الراشدين، وأراد زرق الآخرة فله أن يأخذ من بيت المال ما وظّفه الشرع للمجاهدين في سبيل الله، وهو أربع وثلاثون ومائتا تنكة لنفسه ولأهل بيته، وإن قال السلطان: إن هذا القدر لا يكفيه لعزّة السلطنة فله أن يأخذ ما يعطى غيره من الأمراء، وإن أراد أن يأخذ أكثر من ذلك بما أفتاه علماء السوء فله أن يأخذ أكثر من ذلك كثرة يعيش بها أحسن مما يعيش الأمراء، وإياه وإياه أن يأخذ أكثر من ذلك، وأن يعطى نسائه القناطير المقنطرة من الذهب والفضّة من بيت المال، وقرى كثيرة من أرض الخراج، والملابس الثمينة، والظروف الغالية، والجواهر الكريمة! فإنها تكون نكالا ووبالا لك في الآخرة.