وحدّث أبو بكر الخصّاف أحمد بن عمرو بن مهير عن أبيه، سمعت الحسن يقول: قال أبو يوسف: أعلم ما تكون بالكلام أجهل ما تكون بالله عزّ وجلّ.
وروى الطحاوي عن ابن أبي عمران عن بشر بن الوليد، سمعت أبا يوسف يقول: من طلب غريب الحديث كذب، ومن طلب المال بالكيمياء أفلس، ومن طلب العلم بالكلام تزندق، وعن إبراهيم بن الجنيد عن علي بن الجعد، قال سمعت أبا يوسف يقول، وسأله رجل فقال: يا أبا يوسف! يذكرون أنك تجيز شهادة من يقول: إن الله لا يعلم ما يكون، حتى يكون، فقال: ويحك هذا أستتيبه، فإن تاب، وإلا قتلته، وروى أسد بن الفرات عن أبي يوسف أنه قال: ذروا الخصومة في الدين والمراء فيه والجدال، فإن الدين واضح بين، قد فرض الله عزّ وجلّ وفرائضه، وشرع سننه، وحدّ حدوده، وأحلّ حلاله، وحرّم حرامه، فقال:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}. المائدة الآية ٣.
فأحلّوا حلال القرآن، وحرّموا حرامه، واعملوا بمحكمه، وآمنوا بالمتشابه منه، واعتبروا بالأمثال فيه، فلو كانت الخصومة في الدين تقوى عند الله لسبق إليها رسول الله وأصحابه بعده، فهل اختصموا في الدين أو تنازعوا فيه، وقد اختصموا في الفقه، وتكلّموا فيه، واختلفوا في الفرائض والصلاة والحجّ والطلاق والحلال والحرام، ولم يختصموا في الدين، ولم يتنازعوا فيه، فاقتصروا على تقوى الله وطاعته، والزموا ما جرت به السنة، وكفيتم فيه المؤونة، ودعوا ما أحدث المحدثون من التنازع في الدين، والجدال فيه والمراء، فإن لزوم السنة عصمة بإذن الله تعالى لمن لزمها، والذي سنّها كان أعلم بما في خلافها من الخطأ والزلل، وقد أنزل الله عزّ وجلّ في كتابه: