وقال محمد بن عمر الرومي: ما رأيت أحضر حجّة من أحمد بن أبي دُواد؛ قال له الواثق يومًا: يا أبا عبد الله، رفعتْ إلي رقعة، فيها أنك وليتَ القضاءَ رجلًا أعمى.
قال: نعم، يا أمير المؤمنين، هذا رجل من أهل الفضل، وليتُه ثم بلغني أنه أصيب ببصره، فأردتُ أن أصرفه، فبلغني أنه عمى من كثرة بكائه على أمير المؤمنين المعتصم، فحفظت له ذلك، وأمرته أن يستخلف.
قال: وفيها أنك أجزت شاعرًا مدحك بألف دينار.
قال: نعم، أجزتُه بدونها، وهذا شاعر طائي -يعني أبا تمام- لو لم أحفظ له إلا قوله لأمير المؤمنين المعتصم، يحرضه على استخلافك، في قصيدة مدحه بها:
وقال له الواثق يومًا أخر: يا أحمد، لقد اختلّتْ بيوت الأموال بطلبتك لِلَّائذين بك.
فقال: إن نتائج شكرها متصلة بك، وذخائر أجرها مكتوبة لك.
فقال: لا منعتك بعدها.
وروى الخطيب أن عون بن محمد الكندي، قال: لعهدي بالكرخ بـ "بغداد"، وأن رجلًا لو قال: ابن أبي دُواد مسلم. لقتل في مكانه، ثم وقع الحريق بـ "الكرخ"، وهو الذي ما كان مثله قطّ، كان الرجل يقوم في صينيّة شارع "الكرخ"، فيرى السفن في "دجلة"، فكلّم ابن أبي دُواد المعتصم في