الناس، قال: يا أمير المؤمنين! رعيتك في بلدك، وبلد آبائك، نزل بهم هذا الأمر، فاعْطفْ عليهم بشيء يفرق فيهم؛ يمسك أرماقهم، ويبنون ما أنهم عليهم، ويصلحون أحوالهم.
فلم يزلْ ينازله، حتى أطلق له خمسة آلاف ألف درهم، فقال: يا أمير المؤمنين! إن فرقها عليهم غيري خفتُ أن لا يقسمها بالسويّة، فأذنْ لي في تولي أمرها، ليكون الأجر أوفر، والثناء أكثر.
قال: ذلك إليك.
فقسمها على مقادير الناس، وما ذهب منهم نهاية ما يقدر عليه من الاحتياط، واحتاج إلى زيادة، فازدادها من المعتصم، وغرم ماله في ذلك غرمًا كثيرًا، فكانتْ هذه من فضائله، التي لم يكنْ لأحدٍ مِثلها.
قال عون: فلعهدي بـ "الكرخ" بعد ذلك، وأن إنسانًا لو قال: زِرُّ ابن أبي دُواد وَسِخ. لقتل مكانه.
وحدّث حريز بن أحمد بن أبي دُواد، قال: حدّثني على بن الحُسين الإسكافي، قال: اعتلّ أبوك، فعاده المعتصم، وكان معه، بغا، وكنت معه؛ لأني كنت أكتب لبغا، فقام، فتلقَّاه، وقال له: قد شفاني الله بالنظر إلى أمير المؤمنين.
فدعا له بالعافية، فقال له: قد تميّم الله شفائي، ومحق دائي بدعاء أمير المؤمنين.
فقال له المعتصم: إني نذرتُ إن عافاك الله أن أتصدّق بعشرة آلاف دينار.
فقال له: يا أمير المؤمنين! فاجعلْها لأهل الحرمين، فقد لقوا من غلاء الأسعار عنتا.