لنفسك وردا خلف الصلوات، تقرأ فيه القرآن، وتذكر الله تعالى، وتشكره على ما أودعك من الصبر، وما أولاك من النعم، واتخذ لنفسك أياما معدودة من كلّ شهر، تصوم فيها ليقتدي غيرك بك في ذلك، ولا ترض لنفسك من العبادات بما ترضى به العامة.
وراقب نفسك، وحافظ على العلم، لتنتفع في دنياك وآخرتك بعلمك، ولا تشتر بنفسك، ولا تبع، بل اتخذ لك غلاما مصلحا يقوم بأشغالك، وتعتمد عليه في أمورك، ولا تطمئنّ إلى دنياك، وإلى ما أنت فيه، فإن الله تعالى سائلك عن جميع ذلك، ولا تشتر الغلمان المرد، ولا تظهر من نفسك التقرّب إلى السلطان إن قرّبوك، فإنهم يرفعون إليك الحوائج، فإن قمت بها أهانواك، وإن لم تقم بها عابوك، ولا تتبع الناس في خطاياهم، بل اتبعهم في صوابهم، وإذا عرفت إنسانا بالشرّ فلا تذكره به، بل اطلب له خيرا، فاذكره به، إلا في باب الدين، فإنك إن عرفت في دينه ذلك فاذكره للناس، كيلا يتبعوه، ويحذروه. قال عليه الصلاة والسلام: اذكروا الفاجر بما فيه، حتى يحذره الناس (١)، وإن كان ذا جاه ومنزلة الذي ترى منه الخلل في الدين، فاذكر ذلك، ولا تبال من جاهه، فإن الله تعالى معينك وناصرك وناصر الدين، فإذا فعلت ذلك مرة هابوك، ولم يتجاسر أحد على إظهار البدعة في الدين.
وإذا رأيت من سلطانك ما لا يوافق العلم، فاذكر ذلك مع طاعتك إياه، فإن يده أقوى من يدك، تقول له: أنا مطيع لك في الذي أنت مسلط فيه عليَّ، غير أني أذكر من سيرتك ما لا يوافق العلم، فإذا فعلت ذلك مع