والرابعة: المقلّدون الذين لا يقدرون على الاجتهاد أصلا، لكنهم لإحاطتهم بالأصول وضبطهم المآخذ يقدرون على تفصيل قول مجمل ذي وجهين، وحكم محتمل لأمرين، منقول عن أحد المجتهدين، وهم أصحاب التخريج، كالرازي وأضرابه.
والخامسة: أصحاب الترجيح، كأبي الحسين القدروي، وصاحب "الهداية"، وشأنهم تفضيل بعض الراويات على بعض بقولهم: هذا أصحّ رواية، وهذا أوفق للقياس، وأرفق بالناس.
والسادسة: المقلّدون القادرون على التمييز بين الأقوى والقوي والضعيف وظاهر المذهب وظاهر الرواية، وغيرها، كصاحب "الكنز"، و"المختار"، و"الوقاية"، و"المجموع"، وغيرهم.
والسابعة: المقلدون الذين لا يقدرون على ما ذكر، ولا يفرّقون بين الغثّ والسمين، ولا يميّزون الشمال عن اليمين، بل يجمعون ما يجدون، كحاطب ليل، فالويل لهم ولمن قلّدهم كلّ الويل.
هذا ما ذكره، وقد أورده التميمي في "طبقاته" بحروفه، ثم قال: وهو تقسيم حسن جدا، وأقول: بل هو بعيد عن الصحة بمراحل، فضلا عن حسنه جدا، فإنه تحكّمات باردة، وخيالات فارغة، وكلمات، لا روح لها، وألفاظ غير محصلة المعنى، ولا سلف له في ذلك المدعى، ولا سبيل له في تلك الدعوى، وإن تابعه من جاء من عقبه من غير دليل يتمسّك به، وحجة تلجئه إليه، ومهما تسامحنا معهم في عدّ الفقهاء والمتفقّهة على هذه المراتب السبع، وهو غير مسلّم لهم، فلا يتخلّصون من فحض الغلط والوقوع في الخطأ المفرط في تعيين رجال الطبقات وترتيبهم على هذه الدرجات فليت شعري ما معنى قوله: إن أبا يوسف ومحمدا وزفر وإن خالفوا أبا حنيفة في الأحكام