ومدينة السلام ومعقل الإسلام، ورحل في الأقطار، ودخل الأمصار، ولقي العلماء أولي الأيدي والأبصار، وأخذ الفقه والحديث عن المشايخ الكبار.
وقال شمس الأئمة الحلواني فيه: هو رجل كبير معروف في العلم، وإنا نقلّده ونأخذ بقوله. اهـ. فكيف يصحّ تقليد المجتهد للمقلّد؟
وذكر في "الكشف الكبير" ما يدلّ على أنه أفقه من أبي منصور الماتريدي، وقال قاضيخان في التوكيل بالخصومة: يجوز للمرأة المخدّرة أن توكّل، وهي التي لم تخالط الرجال بكرا، كانت أو ثيبا، كذا ذكره أبو بكر الرازي، رحمه الله.
وفي "الهداية": ولو كانت المرأة مخدّرة قال الرازي: يلزم التوكيل منها، ثم قال: وهذا شيء استحبّه المتأخّرون.
قال ابن الهمام رحمه الله: هو الإمام الكبير أبو بكر الجصّاص أحمد بن علي الرازي رحمه الله يعني أنه على ظاهر إطلاق الأصل وغيره عن أبي حنيفة رحمه الله لا فرق بين البكر والثيب المخدّرة والمبرّزة، والفتوى على ما اختاروه من ذلك، وحينئذ فتخصيص الرازي، ثم تعميم المتأخّرين ليس إلا لفائدة أنه المبتدئ بتفريع ذلك، وتبعوه. انتهى كلامه.
وقد أكثر شمس الأئمة السرخسي في كتبه النقل عن أبي بكر الرازي والاستشهاد به، والمتابعة لآرائه، ثم الحلوائي ومن ذكر بعده وعدّهم من المجتهدين في المسائل كلّهم تنتهي سلسلة علومهم إلى أبي بكر الرازي (١)، فقد
(١) ولقد أحسن المرجاني الدفاع عن أبي بكر الرازي، وهو ممن له قدم راسخ في الاجتهاد حقّا، ويد بيضاء في معرفة الحديث ورجاله صدقا، وأحاديث سنن أبي داود التي تعدّ كافية للمجتهد كانت على طرف لسانه، على توسّعه في رواية باقي الأحاديث، كما يشهد له بذلك أحكام القرآن =