تفقّه عليه أبو جعفر الأستروشني، وهو أستاذ القاضي أبي زيد الدبوسي، وأبو علي حسين بن خضر النسفي، وهو أستاذ شمس الأئمة الحلوائي، ومعلوم أن السرخسي من تلاميذه، وقاضيخان من أصحاب أصحابه، فلعله نظر إلى قولهم: إنه كذلك في تخريج الرازي، فظنّ أن وظيفته في الصناعة هي التخريج فحسب، وأن غاية شأوه هذا القدر.
وقد خرّج أبو حنيفة وأصحابه قول ابن عبّاس رضي الله عنهما في تكبيرات العيدين أنها ثلاث عشرة تكبيرة، بحمل أنها على هذا العدد بإضافة التكبيرات الأصلية، والشافعي وأتباعه بحملها على الزوائد، وخرّج أبو يوسف قول الشعبي رحمه الله: إن للخنثى المشكل من الميراث نصف النصيبين، بأن ذلك ثلاثة من سبعة، ومحمد بأنه خمسة من اثني عشرة. خرّج أبو الحسن الكرخي قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله في تعديل الركوع والسجود، وجعله واجبا، وأبو عبد الله الجرجاني خرّجه، وحمله على السنة، ونظائر ذلك كثير، وقعت من كبار المجتهدين، فما ضرّهم ذلك في اجتهادهم، ولا نزلهم من شأنهم، فكيف ينزل أبا بكر الرازي إلى الرتبة النازلة عن منزلته.
= وشروحه على النسختين من الجامع الكبير، ومختصر القدوري، ومختصر الطحاوي، ومختصر الكرخي، ومختصره لاختلاف العلماء، وشرحه على أدب القضاء للخصّاف، وقصّته مع أبي بكر الأبهري المالكي بشأن القضاء تجعل له أعلى مقام في العلم والورع، وكتابه في الأصول لا نظير لا في كتب الأقدمين، فضلا عن كتب المتأخرين، فمن حاول أن يناطحه فليشقّ على رأسه، ولا مانع من أن يكون له بعض هفوات معدودة عند بعض الناظرين أو بعض شذوذ كشذوذ مجاهد (ز).