للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الموصوف، فيحمله ذلك على الإنكار لمن عداهم، واستخفاف رجال الله سواهم، وقد كان ابن الكمال على ولاية عمل الإفتاء من جهة الدولة، فأحوجه ذلكَ إلى مراجعة كتب الفتاوى والإكثار من مطالعة ما فيها في تحصيل أربه والتخلّص عن كربه، ووقع في نظره فيما سار به أهل "ما وراء النهر" من رفع أنفسهم، والوضع من غيرهم، فنزع إليهم، وصار ذلك طبيعة له، وسببا لاندفاعه إلى هذه التحكّمات الباردة والتعسّفات الشاردة، فكان ما فعله حدا لمن بعده من المقلّدة، فلا يجاوزون ما ذكره، ولا يتعدّون طوره في تنزيل العالي عن درجته، ورفع غيره فوق رتبته، فلو نقل إليهم شيء عن كبار العلماء ربما يقولون: إنه ليس من المجتهدين، لأنه ليس بمذكور في طبقاتهم.

وغير مستور عن أهل الشأن أن ما أورده الرجل منهم في كتابه كنغبة من دماء وتربة في يهماء. عن عائشة رضي الله عنها، قالت: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننزل الناس منازلهم. صحّحه الحاكم وغيره، وكلّهم أئمة الدين ودعاة الحق في الأرض، ولكن الله فضّل بعضهم على بعض، وهذه فوائد، وفصول وقواعد وأصول لأرباب البصيرة والتحصيل، والله الهادي إلى سواء السبيل، وهو حسبي، ونعم الوكيل (١).


(١) وعدّ الأستاذ المرجاني المتون المعتبرة في المذهب هي أمثال مختصر الطحاوي، ومختصر الكرخي، ومختصر الحاكم الشهيد، ومختصر القدروي، فخالف ابن الكمال أيضا فيما قاله عن متون في الفقه للمتأخرين، وتوسّع في بيان درجات الكتب في المذهب، فأجاد، وأفاد، فيا حبّذا لو أعيد طبع كتاب الشهاب المرجاني هذا لما فيه من تحقيقات بديعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>