للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

* قال ابن السبكي: والناس يستحسنون هذا الكلام منه، ومعناه أن الخوف من قبلي؛ لما اقترفته من الذنوب، لا من قبلك؛ فإنك عادل لا تظلم، فلولا الذنوب لما كان للخوف معنى. وأما الرجاء، فمن قبلك؛ لأنك متفضّل، لا من قبلي، لأنه ليس عندي من الطاعات والمحاسن ما أرتجيك به.

قال: والشقّ الثاني عندنا صحيح لا غبار عليه.

وأما الأول، فإنا نقول: إن الربّ تعالى يخاف من قبله، كما يخاف من قبلنا؛ لأنه الملك القهّار، يخافه الطائعون والعصاة، وهذا واضح لمن تدبّره.

قال المؤرّخون: ومع كونه كان لا يدري شيئًا من العلم، حمل الناس على القول بخلق القرآن.

قال ابن السبكي: لأن أخاه المأمون أوصى إليه بذلك، وانضمّ إلى ذلك القاضي أحمد ابن أبي دواد، وأمثاله من فقهاء السوء، وإنما يتلف السلاطين فسقة الفقهاء؛ فإن الفقهاء ما بين صالح وطالح، فالصالح غالبًا لا يتردّد إلى أبواب الملوك، والطالح غالبًا يترامى عليهم، ثم لا يسعه إلا أن يجري معهم على أهوائهم، ويهون عليهم العظائم، ولهو على الناس شرّ من ألف شيطان، كما أن صالح الفقهاء خير من ألف عابد، ولولا اجتماع فقهاء السوء على المعتصم، لنجاه الله مما فرط منه، ولو كان الذين عنده من الفقهاء على حقّ لأروه الحقّ أبلج واضحًا، ولأبعدوه عن ضرب مثل الإمام أحمد، ولكن ما الحيلة والزمان بني على هذا! أو بهذا تظهر حكمة الله في خلقه.

ومات المعتصم، في سنة سبع وعشرين ومائتين.

<<  <  ج: ص:  >  >>