للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وولي الواثق بالله أبو جعفر هارون بن المعتصم بن الرشيد، وكان مليح الشعر، يروى أنه كان يحب خادمًا أهدي له من "مصر"، فأغضبه الواثق يومًا، ثم إنه سمعه يقول لبعض الخدم: والله إنه ليروم أن أكلمه من أمس، فلم أفعل. فقال الواثق في ذلك:

يَا ذَا الذي بِعَذَابي ظَلَّ مُفْتَخِرًا … مَا أنتَ إلا مَلِيكٌ جَارَ إذْ قدَرَا

لَوْلا الهَوَى لَتَجَارَيْنا على قَدَرٍ … وإن افِقْ منه يومًا مَا فسَوْفَ تَرَى

وقد ظرف عبادة المخنث، حيث دخل إليه، وقال: يا أمير المؤمنين! أعظم الله أجرك في القرآن.

قال: ويلك، القرآن يموت!! قال: يا أمير المؤمنين! كلّ مخلوق يموت، بالله من يصلّي يا أمير المؤمنين! بالناس التراويح إذا مات القرآن؟ فضحك الخليفة، وقال: قاتلك الله، أمسك.

قال الخطيب: وكان ابن أبي دواد قد استولى عليه، وحمله على تشديد المحنة.

قال ابن السبكي: وكيف لا يشدّد المسكين فيها، وقد أقروا في ذهنه أنه حقّ يقربه إلى الله تعالى، حتى إنه لما كان الفداء، في سنة إحدى وثلاثين ومائتين، واستفكّ الواثق من طاغية "الروم" أربعة آلاف وستمائة، قال ابن أبي دواد، على ما حُكي عنه ولكن لم يثبت عندنا: من قال من الأسارى القرآن مخلوق خلّصوه وأعطوه دينارين، ومن امتنع دعوه في الأسر.

وهذه الحكاية إن صحّتْ عنه دلّتْ على جهل عظيم، وإفراط في الكفر.

هذا من الطراز الأول، فإذا رأى الخليفة قاضيًا يقول: هذا الكلام، أليس يوقعه في أشدّ مما وقع منه؟! فنعوذ بالله من علماء السوء، ونسأله التوفيق والإعانة. انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>