ولنرجع إلى أخبار أحمد: روى عن الحسن بن ثواب، قال: سألت أحمد بن حنبل عمّن يقول: القرآن مخلوق.
قال: كافر.
قال: فابن أبي دواد؟ قال: كافر بالله العظيم.
قلت: بماذا كفر؟ قال: بكتاب الله تعالى، قال الله تعالى: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ}، فالقرآن من علم الله، فمن زعم أن علم الله مخلوق فهو كافر بالله العظيم.
وقال أبو حَجَّاج الأعْرَابي يَهْجُوهُ:
نكَسْت الدِّينَ يَا ابْن أبي دُواد … فأَصْبحَ من أطَاعَك في ارْتِدادِ
زَعَمْت كلامَ رَبَّك كان خَلْقًا … أمَالَكَ عند رَبِّك مِن مَعَادِ
كَلامُ الله أنْزَلهُ بعِلْمٍ … وأوْحَاه إلى خَيْر العِبَادِ
ومَن أمْسَى ببَابِك مُسْتَضيفًا … كمَن حَلَّ الفَلاةَ بغَيْرِ زَادِ
لقد أظْرَفْتَ يَا ابن دُوَادٍ … بقولكَ إِنِّنِي رَجُلٌ إِيادِي
قلت: قد ظلمهُ هذا الشاعر، بنسبته إلى البخل، مع ما قدّمنا ذكره عنه من المكارم، وحسن الصنيع إلى من يعرف ومن لا يعرف، حتى لعدوّه، وأحسن منه قول بعضهم يهجوه أيضًا:
لَوْ كنتَ في الرَّأي مَنْسُوبًا إلى رَشَدِ … أوْ كان عَزْمُك عَزما فيه توْفيقُ
لَكان في افقهِ شُغلٌ لو قنَعْت به … من أنْ تقولَ كَلامُ اللهِ مخلوقُ
ماذا عَليك وأصلُ الِّين يَجْمَعُهُمْ … مَا كانَ في الفَرْعِ لولَا الجهلُ والموقُ
وفي "تاريخ الخطيب" عن أبي الهُذيل، قال: دَخلتُ على ابن أبي دواد، وابنُ أبي حفصة ينشده هذه الأبيات:
فقُلْ للفاخرين عَلى نِزارٍ … ومنْها خِنْدَف وبنو إياد