الأخلاق الجميلة والتواضع، وتخاريجه شهود صدق على تبحّره وسعة اطلاعه في علوم الحديث، من: معانيه وأسماء رجاله ومتونه وطرقه، وقد رزقها الله الانتفاع بها، والتداول بأيدي أهل العلم بالحديث على مدى القرون، وكان بعيدا عن التعصّب المذهبي، بحشد الروايات، وقد لا يتكلم فيما ليس له كبير مجال. انتهى كلامه.
قال إمام عصره الشيخ محمد أنور الكشميري، ثم الديوبندى رحمه الله تعالى: كان الحافظ جمال الدين الزيلعى من المشايخ الصوفية، الذين ارتاضت نفوسهم بالمجاهدات، وتزكت قلوبهم عن الرذائل والشهوات، كما كان من أكابر المحدثين الحفاظ، بحور العلم والحديث، وترى من آثار تزكية نفسه أنه لا يتعصّب لمذهبه شيئا، بل يمشي مع الخصوم، ويسايرهم بغاية الإنصاف.
وبمثل هذه الميزة امتاز الشيخ الحافظ، تقي الدين بن دقيق العيد، رحمه الله، بين علماء عصره، وكان هو أيضا من أكابر الصوفية، صاحب كرامات، لا يتعصّب لأهل مذهبه، وربما يقصد في تحقيقه إفادة الحنفية وتأييدهم، وحاشاه أن يبخس حقهم، ومثله منا -في الجمع بين طريقة القوم، وبين علوم الشريعة، ثم النصفة والعدل- الشيخ المحقق ابن الهمام، صاحب "فتح القدير"، ونقل عنه رحمه الله تعالى -: أن الشيخ ابن الهمام كل ما ذكره في "فتحه" من أدلة مذهبنا، مستفاد من تخريج الإمام الزيلعي، ولم يزد عليه دليلا، إلا في ثلاثة - مواضع: منها مسئلة المهر، وقدر ما يجب. أفاد الكوثري: أن من مؤلفات الإمام الزيلعي مختصر "معاني الآثار" - للطحاوي، وهو من محفوظات مكتبة - رواق الآتراك - بالأزهر، والكوبريلي - بالآستانة - هـ.