للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جهة حفظ الحديث، وإتقانه، وفهم معاني كتاب اللَّه، وسنة رسوله، ومن حيثية حدة ذهنه، ودقة نظره، ووفور فقهه، وكمال زهده، وغاية ورعه، كثرة اطلاعه على طرق الحديث، وعلله، وقوة اجتهاده، واستنباطه.

وكانت أمه مستجابه الدعوة، توفي أبوه وهو صغير، فنشأ في حجر والدته، ثم عمي، وقد عجز الأطباء عن معالجته، فرأت إبراهيم الخليل على نبينا وعليه الصلاة والسلام، قائلا لها: قد رد اللَّه على ابنك بصره بكثرة دعائك له.

فأصبح وقد رد اللَّه عليه بصره، فنشأ متربيا في حجر العلم، مرتضعا من ثدي الفضل، ثم ألهم طلب الحديث، وله عشر سنين بعد خروجه من المكتب.

ولما بلغ إحدى عشرة سنة رد على بعض مشايخه بـ "بخارى". غلطا وقع له في سند، حتى أصلح كتابه من حفظ البخاري. وبيانه: أن شيخا من مشايخه في مجلس من مجالس حديثه قال في إسناد حديث: حدثنا سفيان عن أبي الزهير عن إبراهيم، فقال له البخاري: أبو الزهير ليس له رواية عن إبراهيم، فهيب عليه الشيخ، فقال له البخاري: ارجع إلى الأصل، إن كان عندك، فقام الشيخ من المجلس، ودخل بيته، وطالع في أصله، وتأمل فيه حق تأمله، ثم رجع إلى مجلسه، فقال للبخاري: فكيف الرواية؟ فقال: ليس أبو الزهير بالهاء، إنما هو الزبير بالباء، وهو الزبير ابن عدي، فقال: صدقت، وأخذ القلم، وأصلح كتابه.

ولما بلغ ست عشرة سنة حفظ كتب ابن المبارك ووكيع، وعرف كلام أصحاب أبي حنيفة، ثم خرج مع أمه وأخيه أحمد بن إسماعيل إلى "مكة"، فرجع أخوه، وأقام هو لطلب الحديث، فلما طعن في ثماني عشرة سنة صنف قضايا الصحابة والتابعين وأقاويلهم، وصنف في "المدينة المنورة" عند التربة المطهرة تاريخه "الكبير" في الليالي المقمرة، وكتبوا عنه وسنه ثماني عشرة سنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>