روي عنه أنه قال: قلّ اسم من أسماء رجال "التاريخ الكبير" أن لا يكون عندي منه حكاية وقصة، إلا إني تركتها، خوفا من الإطناب.
ولما رجع من "مكة" ارتحل إلى سائر مشايخ الحديث في أكثر المدن والأقاليم.
روي عنه أنه قال: ارتحلت في استفادة الحديث إلى "مصر" و"الشام" مرتين وإلى "البصرة" أربع مرات، ولا أحصى ما دخلت مع المحدثين في "بغداد" و"الكوفة"، وأقمت في "الحجاز" ست سنين، طالبا لعلم الحديث.
قال البخاري: والحامل لي على تأليفه أنني رأيتني واقفا بين يدي النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وبيدي مروحة، أذبّ عنه، فعبر لي بأني أذبّ عنه الكذب.
وما وضعت فيه حديثا إلا بعد الغسل، وصلاة ركعتين، وأخرجته من زهاء ستمائة ألف حديث، وصنفته في ستة عشر سنة، وجعلته حجة فيما بيني وبين اللَّه، وما أدخلت فيه إلا صحيحا، وما تركت من الصحيح أكثر، لئلا يطول، وصنفته بالمسجد الحرام، وما أدخلت فيه حديثا حتى استخرت اللَّه، وصليت ركعتين، وتيقنت صحته، وهذا باعتبار الابتداء، وترتيب الأبواب، ثم كان يخرج الأحاديث بعد في بلده وغيرها، وهو محمل رواية أنه كان يصنفه في البلاد، إذ مدة تصنيفه ست عشرة سنة، وهو لم يجاور هذه المدة بـ "مكة".
وقد روى عنه أنه صنف "الصحيح" في "البصرة"، وروي أنه صنفه في "بخاري".
وروي عن الوراق البخاري أنه قال: قلت للبخاري: جميع الأحاديث التي أوردتها في مصنفاتك هل تحفظها، فقال: لا يخفى علي شيء منها، فإني قد صنفت كتبي ثلاث مرات، وكأنه أراد بالتكرار التبييض والتنقيح، ولعل كثرة نسخ "البخاري" من هذه الجهة.