قال شيخ مشايخنا علامة العلماء المتبحرين شمس الدين محمد الجزري في مقدمة شرحه لـ "المصابيح" المسمى بـ "صحيح المصابيح": إني زرت قبره بـ "نيسابور"، وقرأت بعض "صحيحه" على سبيل التيمن والتبرك عند قبره، ورأيت آثار البركة، ورجاء الإجابة في تربته.
والثالث منهم: الحافظ العَلَم الإمام البارع محمد بن عيسى بن سورة بن موسى بن الضحاك الترمذي بكسر التاء والميم، وبضمهما، وبفتح التاء، كسر الميم، مع الذال المعجمة نسبة لمدينة قديمة على طرف "جيحون" نهر بلج الإمام الحجة الأوحد الثقة الحافظ المتقن. ذكره القاري في "شرح المشكاة"، فقال: أخذ هو عن البخاري، وقتيبة بن سعيد، ومحمود بن غيلان، ومحمد بن بشار، وأحمد بن منيع، ومحمد بن المثنى، وسفيان بن وكيع، وغيرهم.
وأخذ عنه خلق كثير، وله تصانيف كثيرة في علم الحديث، منها:"الشمائل"، وهذا كتابه "الصحيح" أحسن الكتب، وأحسنها ترتيبا، وأقلها تكرارا، وفيه ما ليس في غيره من ذكر المذاهب، ووجوه الاستدلال، وتبيين أنواع من الصحيح، والحسن، والغريب، وفيه جرح وتعديل، وفي آخره "كتاب العلل"، وقد جمع فيه فوائد حسنة، لا يخفى قدرها على وقف عليها، ولذا قيل: هو كاف للمجتهد، ومغن للمقلد، بل قال أبو إسماعيل الهروي: هو عندي أنفع من "الصحيحين"، لأن كل أحد يصل للفائدة منه، وهما لا يصل إليها منهما، إلا العغالم المتبحر، وقول ابن حزم إنه مجهول كذب منه.
قال: عرضت هذا الكتاب يعني "سننه" على علماء "الحجاز" و"العراق" و"خراسان"، فرضوا به، ومن كان في بيته، فإنما في بيته نبي يتكلم، نعم عنده نوع تساهل في التصحيح، ولا يضره، فقد حكم بالحسن مع وجود الانقطاع في أحاديث من "سننه"، وحسن فيها بعض ما انفرد رواته به، كما صرّح هو به، فإنه يورد الحديث، ثم يقول عقبه: إنه حسن غريب، أو حسن