فأقام على ذلك زمانا، ثم رجع بعد، فقال: أراد عبد اللَّه بن عبد العزيز العمري الزاهد.
قال ابن عبد البر، وغير واحد: ليس العمري ممن يلحق في العلم والفقه بمالك، وإن كان شريفا سيدا، عابدا.
قال أحمد بن أبي خيثمة: حدثنا مصعب، قال: أخبرنا سفيان: نرى هذا الحديث أنه هو مالك، وكان سفيان يسألني عن أخبار مالك.
قلت: قد كان لهذا العمري علم وفقه جيد وفضل، وكان قوَّالا بالحق، أمَّارا بالعرف، منعزلا عن الناس، وكان يحض مالكا إذا خلا به على الزهد، والانقطاع والعزلة، فرحمهما اللَّه.
فصل: ولم يكن بـ "المدينة" عالم من بعد التابعين يشبه مالكا في العلم، والفقه، والجلالة، والحفظ، فقد كان بها بعد الصحابة مثل سعيد بن المسيّب، والفقهاء السبعة، والقاسم، وسالم، وعكرمة، ونافع، وطبقتهم، ثم زيد بن أسلم، وابن شهاب، وأبي الزناد، ويحيى بن سعيد، وصفوان بن سليم، وربيعة بن أبي عبد الرحمن، وطبقتهم، فلما تفانوا، اشتهر ذكر مالك بها، وابن أبي ذئب، وعبد العزيز بن الماجشون، وسليمان بن بلال، وفليح بن سليمان، والدراوردي، وأقرانهم، فكان مالك هو المقدَّم فيهم على الإطلاق، والذي تضرب إليه آباط الإبل من الآفاق، رحمه اللَّه تعالى. . . .
ابن وهب: سمعت مالكا يقول: ما أكثر أحد قط فأفلح.
حرملة: حدثنا ابن وهب، قال لي مالك: العلم ينقص ولا يزيد، ولم يزل العلم ينقص بعد الأنبياء والكتب.
أحمد بن مسعود المقدسي: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنيني، قال: كان مالك يقول: واللَّه ما دخلت على ملك من هؤلاء الملوك حتى أصل إليه، إلا نزع اللَّه هيبته من صدري.