كان السلف من آبائه من حفدة السيّد ناصر الدين الشهيد ومشهده ببلدة سوني بت، معروف، يزار، ويتبرّك به، وجدّه الشيخ وجيه الدين العمري الشهيد حفيد للسيّد نور الجبّار المشهدي، ونسبه يتّصل بالإمام موسى الكاظم عليه وعلى آبائه السلام، وكان أبوه الشيخ عبد الرحيم من وجوه مشايخ "دهلي"، ومن أعيانهم.
له حظّ وافر من العلوم الظاهرة والباطنة، مع علوّ كعبه في طريقة الصوفية، وهو بشّر بولده في رؤيا صالحة، بشّره بذلك الشيخ قطب الدين بختيار الأوشي، وقال له: أن يسمّيه باسمه إذا ولد، فلذلك قيل له:"قطب الدين"، وهو ولد يوم الأربعاء لأربع عشرة خلون من شوّال سنة أربع عشرة ومائة وألف في أيام عالمغير، فلمّا بلغ من عمره ما يندفع فيه الموفق من السعداء إلى طريق العلم وطلبه، وينسلك فيه بين نظام طلابه أخذ العلوم عن والده الشيخ عبد الرحيم المذكور (١).
وقرأ عليه الرسائل المختصرة بالفارسية، والعربية، وشرع في "شرح الكافية" للعارف الجامى، وهو ابن عشر سنين، تزوّج وهو ابن أربع عشرة سنة، وبايع والده، واشتغل عليه بأشغال المشايخ النقشبندية، وقرأ "تفسير البيضاوي"، وأجيز بالدرس، وفرغ من التحصيل، وهو في الخامس عشرة من
(١) ولد الشيخ عبد الرحيم رحمه الله تعالى سنة ١٠٥٤ هـ، وتوفي سنة ١١١٤ هـ، وكان متضلّعا من العلوم الشرعية، متمسّكا بالسنّة المطهّرة، وكان من مشايخ "دهلي" وأعلامهم، زاهدا في الدنيا، راغبا في الآخرة، وكانت والدته السيّدة فخر النساء بنت الشيخ محمد الفلتي من العالمات الصالحات العابدات، المواظبات على العبادات والأذكار. ولد الشاه ولي الله الدهلوي في فُلَتْ، التى تقع اليوم بمديرية "مظفّر نغر" بولاية "أتّرابراديش، الهند.