للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شرف ينطح النجوم بروقيه … وعز يقلقل الأجبالا

وقال الشيخ شرف الدين محمد الحسيني الدهلوي في كتابه "الوسيلة إلى الله"، ثم لما دوّنت علوم الولاية وقواعدها وقوانينها، وتحقّقت النفوس الكاملة بأصولها وفروعها، وغلبت على الاستعدادات المختلفة نتائجها وثمراتها، ومرّ الدهور والأعصار، وتطاولت إليها أيدى الأفكار، اختلطت علوم الولاية بعلوم النبوّة، لشدّة غموضها، اختلاطا صعب التمييز بينها، بل اختلطت العلوم كلّها من النافعة والضارّة، لاختلاط الناس عربهم وعجمهم، لاختلاف استعداداتهم وأمزجتهم، ولتمارس العلم وتداول الكتب بينهم، فتدبّر لكلّ أحد من الناس أن يحمل أيّ عبارة من أيّ علم شاء على وفق ذوقه بطريق فنّ الاعتبار، ويستدلّ بها على مدّعاه، وهو لا يدري أن حملها بطريق الاعتبار، وأن فن الاعتبار لا يتأتى به الاستدلال، فاشتبه الأمر على نفوس المستعدّين، وتعسر التحقّيق لها بالعلوم على حيالها، فأصيبت المصيبة، واستطارت البلية كلّ الجهات، حتى إن الزنادقة والملاحدة في زيّ الصوفية، وتطاولت أيديهم بعبارات القرآن العظيم والأحاديث النبوية صلّى الله عليه وسلّم، وكلمات المشايخ الكبار، وحملوها على غير المراد، فضلّوا، وأضلّوا. فكاد الزمان أن يكون شبيها بزمان الجاهلية، فاقتضى التدبير الكلّى والحكمة الأزلية أن تظهر حقيقة الحقائق بالقدر المشترك، الجامع بين علوم النبوّة والولاية، بل الجامع بين العلوم كلّها مرّة أخرى في مظهرها الثالث، ليكون منصّة لظهور حقائقها الجامعة المميّزة بين العلوم ومراتبها، فهو يقنّن قوانين، ويدوّن قواعد، يحصل بها الامتياز التامّ بين علوم النبوّة والولاية، بل بين العلوم المعتدّة كلّها من التفسير والحديث والفقه والكلام والتصوّف والسلوك، فينزل كلّ علم منزلته، ويبلغ كلّ

<<  <  ج: ص:  >  >>