فهذا النقل من الترمذي عن أحمد، لايقدم على نقل أبي داود، فإن أبا داود من تلاميذ أحمد الملازمين له، وله عنه مسائل مشهورة. فقد قال أبو داود بعد روايته لهذا الحديث في السنن (٢٨٧) قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: حديث ابن عقيل في نفسي منه شيء. وقال ابن رجب في شرحه للبخاري (٢/ ٦٤): والمعروف عن الإمام أحمد، أنه ضعفه، ولم يأخذ به، وقال: ليس بشيء. وقال مرة: ليس عندي بذلك، وحديث فاطمة أصح منه وأقوى إسناداً، يعني: أنه لم يردها إلى غالب النساء بل ردها إلى العادة. وقال أحمد أيضاً: في نفسي منه شيء. ولكن ذكر أبو بكر الخلال أن أحمد رجع إلى القول بحديث حمنة، والأخذ به!!. اهـ كلام ابن رجب رحمه الله قلت: والقول بالحديث، والأخذ به لايعني صحته في نفسه ما لم يصرح المحدث بأنه صحيح، وكم من حديث ضعيف في الترمذي ويصرح الترمذي بأن العمل عليه، ولايعني كون العمل عليه أن يكون صحيحاً في نفسه، وأقربها عندي حديث:"الماء طهور لاينجسه شيء إلا ما غلب على طعمه ولونه وريحه"،فالاستثناء لايثبت من جهة الحديث، والعمل عليه. فقول أبي بكر الخلال بأن أحمد يقول بحديث حمنة ويأخذ به ليس صريحاً في كونه صحيحاً عنده. وفي التمهيد لابن عبد البر (١٦/ ٦١): " قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل يقول: في الحيض حديثان، والآخر في نفسي منه شيء، قال أبو داود: يعني أنه في الحيض ثلاثة أحاديث، هي أصول هذا الباب: أحدها: حديث مالك، عن نافع، عن سليمان بن يسار. والآخر: حديث هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة. والثالث: والذي في قلبه منه شيء، وهو حديث حمنة بنت جحش الذي يرويه ابن عقيل". وقال الخطابي في معالم السنن (١/ ١٨٣): " وقد ترك بعض العلماء القول بهذا الخبر؛ لأن ابن عقيل راويه ليس بذاك ". =