لعلهم رأوا أن المائع قد يتأثر بمخالطته النجاسة، التي هي كرش الميتة، بخلاف الجامد فإن النجاسة لا تمازجه، وبالتالي يحافظ على طهارته، والله أعلم.
الراجح من الخلاف.
كما رجحنا طهارة لبن الميتة، فإننا نرجح هنا طهارة الإنفحة للسبب نفسه، ويكفي أن الحل هو قول عامة الصحابة، وقد ضعف ابن تيمية ما نقل عن بعض الصحابة من التحريم، وقال: والأظهر أن جبنهم حلال، وأن إنفحة الميتة ولبنها طاهر، وذلك لأن الصحابة لما فتحوا بلاد العراق أكلوا جبن المجوس، وكان هذا ظاهراً شائعاً بينهم، وما ينقل عن بعضهم من كراهة ذلك ففيه نظر، فإنه من نقل بعض الحجازيين وفيه نظر. وأهل العراق كانوا أعلم بهذا، فإن المجوس كانوا ببلادهم ولم يكونوا بأرض الحجاز (١).
وحتى على القول بنجاسة الإنفحة، فإنها مستهلكة في الجبن، ولا يظهر لها طعم أو لون أو رائحة، فإن الكمية اليسيرة من الإنفحة تستخدم في كميات كبيرة من الجبن، والشيء إذا استهلك في الأعيان الطاهرة، ولم يظهر له أثر من طعم أو لون أو رائحة لم يكن له حكم، ولو خالط الأعيان الطاهرة، والله أعلم.