في المعدة ذات الإحالة لها إلى النجاسة، ثم إلى الدم، ثم إلى المني (١).
ورد هذا الجواب:
أما كون المني يتطهر منه، فقد أجبنا على هذا، وأن هذا لا يقتضي تنجيسه.
وأما اعتبار الإحالة، فهذا صحيح، وهو حجة عليكم، فالاستحالة تقلب الطيب إلى خبيث، كالغذاء ينقلب إلى عذرة، وتقلب الخبيث إلى طيب، كاللبن من دم الحيض، فلو اعتبرنا الإحالة لحكمنا بطهارة المني، فإن كان المني قد استحال من الدم، فالدم على الصحيح طاهر، وسوف نذكر الخلاف فيه في هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.
وإن كان قد استحال من البول والغائط، فأين الغائط النتن من المني ذو الرائحة الطيبة، فلو أعطينا الاستحالة حكمها لحكمنا بطهارة المني، والله أعلم.
الراجح من الخلاف.
القول بطهارة المني قول قوي جداً، ويكفي حجة لهذا القول أن الشارع لم يأت منه أمر بغسله، ولو كان نجساً لجاء الأمر بغسله، والتوقي منه كما جاء الأمر بالاستتار من البول، وغسل دم الحيض، وغسل المذي، وغيرها من سائر النجاسات، ولا مع من قال بنجاسته إلا مجرد أن عائشة كانت تغسله من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتفركه إذا كان يابساً، ولو كان الفاعل هو النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن ذلك حجة على نجاسة المني؛ لأن أفعال النبي - صلى الله عليه وسلم - المجردة لا تقتضي الوجوب، والله أعلم.