النجاسات. فإذا غسل الإنسان الأذى عنه أصبح بدنه طاهراً، فلا كراهة في هذه الحالة في انغماسه في الماء الدائم، لأن الماء لا ينجس إلا بملاقاته النجاسة، ولا نجاسة هنا.
وهذا قول ضعيف أيضاً؛ لأن النهي لو كان خوفاً من تلوث الماء بالنجاسة؛ لأرشد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى غسل الأذى قبل الاغتسال، خاصة وأنه يسن لمن أراد الغسل أن يغسل فرجه وما أصابه من أذى في أول غسله، فالنص النبوي مطلق، سواء غسل الأذى أو لم يغسله، ولا يجوز أن يخص النص العام ولا يقيد النص المطلق إلا بنص مثله.
دليل من قال: إن النهي عن الجمع بين البول والاغتسال.
(١٢٨٦ - ١٥٩) استدلوا بما رواه البخاري من طريق أبي الزناد، عن الأعرج،
أنه سمع أبا هريرة، أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل فيه.
هذا القول خرجه أصحابه على إمكان نصب كلمة (يغتسل)
فقوله:«ثم يغتسل فيه» وذلك على تقدير (أن) محذوفة بعد حرف العطف (ثم) وكأنهم جعلوا (ثم) مقام واو المعية، أي: وأن يغتسل فيه.
فكأنه نهى عن البول والاغتسال معاً، أي نهى عن الجمع بينهما، وليس فيه تعرض للبول مفرداً، أو للاغتسال مفرداً.
وهذا الحمل مبني على تجويز نصب كلمة (يغتسل)، وتفسير النصب بأنه محمول على النهي عن الجمع بين البول والاغتسال.
والذي يدل على أن النصب إنما ذكره النحاة من باب التجويز، وليس من باب الرواية.