لا يبيح الرخص، والمسح رخصة، فلبس الخف من أجل المسح من هذا الباب.
وأجيب:
أولا: المسح على الخفين هل هو رخصة أو عزيمة، فيه خلاف، وقد سبق الكلام عليه.
ثانياً: على التسليم أن المسح رخصة، فإن الرخصة تارة يكون قصدها لا يسقط واجباً، ولا يرتكب محرماً، فيكون قصده صحيحاً، وليس محرماً، وتارة تكون الرخصة سبباً في إسقاط واجب، أو ارتكاب محرم، فيكون قصد الترخص لا يجوز، كالسفر من أجل الفطر، فالفطر محرم، فالتحايل على إسقاطه لا يجوز، وأما اللبس من أجل المسح فليس محرماً، لأن اللبس يقصد به المسح، فقصده غرض صحيح كما قدمنا، والله أعلم.
دليل من قال لا يستحب.
لعل الحنابلة أخذوه من حال النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه لم يكن يتحرى لبس الخفين ليمسح عليهما، بل كان يغسل قدميه إذا كانتا مكشوفتين، ويمسح إذا كان لابساً للخفين، وهذا دليل لا يرقى للمنع، ولذا قالوا: لا يستحب لبس الخفين ليمسح عليهما.
قال ابن القيم:" لم يكن يتكلف ضد حاله التي عليها قدماه، بل إن كانتا في الخف مسح عليهما، ولم ينزعهما، وإن كانتا مكشوفتين غسل القدمين، ولم يلبس الخفين ليمسح عليهما "(١).