للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بن منهال، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا عمر بن محمد بن زيد، عن نافع،

عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: خالفوا المشركين: وفروا اللحى، وأحفوا الشوارب. وكان ابن عمر إذا حج أو اعتمر، قبض على لحيته فما فضل أخذه (١).

قال الكرماني: لعل ابن عمر أراد الجمع بين الحلق والتقصير في النسك، فحلق رأسه كله، وقصر من لحيته ليدخل في عموم قوله تعالى: {محلقين رؤسكم ومقصرين} (٢) وخص ذلك من عموم قوله: " وفروا اللحى " فتعقبه الحافظ، فقال: " والذي يظهر أن ابن عمر كان لا يخص هذا التخصيص بالنسك، بل كان يحمل الأمر بالإعفاء على غير الحالة التي تتشوه فيها الصورة بإفراط طول شعر اللحية أو عرضه (٣).

قلت: هذا محتمل ويؤيده أن المنقول عن أبي هريرة أن كان يأخذ منها مطلقاً، ولم يقيد بحج أو عمرة، ويحتمل أن ابن عمر يراه من قضاء التفث، كما نقل عن ابن عباس وجماعة من التابعين كما سيأتي إن شاء الله تعالى.

[الدليل الثاني]

(٥٧٥ - ١٣٩) رواه ابن أبي شيبة، قال: حدثنا أبو أسامة، عن شعبة، عن عمرو بن أيوب من ولد جرير،

عن أبي زرعة، قال: كان أبو هريرة يقبض على لحيته ثم يأخذ ما فضل منها (٤).


(١) صحيح البخاري (٥٨٩٢). (*)
(٢) الفتح: ٢٧.
(٣) فتح الباري (١٠/ ٣٥٠).
(٤) المصنف (٥/ ٢٢٥) رقم ٢٥٤٨١.

(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: في بعض المصادر، عقب هذا الهامش، مبحث للمؤلف - حفظه الله - لم يرد في المطبوع، وهذا نصه كاملا، قال المؤلف - حفظه الله -:
[جاء التصريح عن ابن عمر بأنه كان يأخذ من لحيته من ثلاثة طرق، أو أكثر:
الأول: عن نافع، رواه عنه جماعة:
منهم: عمر بن محمد بن زيد، كما في حديث الباب من صحيح البخاري.
ومنهم: مالك، عن نافع. رواه مالك في الموطأ (١/ ٣٩٦) عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا حلق في حج أو عمرة أخذ من لحيته وشاربه. ورجاله في أعلى درجات الصحة.
وفي رواية لمالك (١/ ٣٩٦) عن نافع: أن ابن عمر كان إذا أفطر من رمضان، وهو يريد الحج لم يأخذ من رأسه، ولا من لحيته شيئاً حتى يحج.
وقد يقول قائل: مفهوم هذا الرواية " كان إذا أفطر من رمضان، وهو يريد الحج لم يأخذ من لحيته ولا من رأسه، مفهمومه أنه إذا لم يرد الحج أخذ، ولو كان في غير نسك.
ومنها: طريق ابن أبي ليلى، عن نافع.
رواه ابن أبي شيبة في المصنف (٥/ ٢٢٥) رقم ٢٥٤٨٦ قال: حدثنا علي بن هاشم ووكيع، عن ابن أبي ليلى، عن نافع، عن ابن عمر أنه كان يأخذ ما فوق القبضة، وقال وكيع: ما جاوز القبضة.
وابن أبي ليلى ضعيف الحفظ، لكنه قد توبع، كما سبق.
ومنها: طريق محمد بن عجلان، عن نافع.
رواها ابن سعد في الطبقات (٤/ ١٨١) قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي، حدثنا سفيان، عن محمد بن عجلان، عن نافع قال: كان ابن عمر يعفي لحيته إلا في حج أو عمرة.
وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات لولا أن محمد بن عبد الله الأسدي، ضعيف في الثوري.
قال حنبل بن إسحاق، عن أحمد بن حنبل: كان كثير الخطأ في حديث سفيان. تهذيب التهذيب (٩/ ٢٢٧).
وفي التقريب: ثقة ثبت إلا أنه قد يخطئ في حديث الثوري.
ويغتفر له هذا لموافقته الثقات في روايتهم لهذا الحديث.
ومنها: طريق ابن جريج عن نافع.
أخرجها ابن سعد في الطبقات الكبرى (٤/ ١٨١) قال: أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء العجلي، قال: حدثنا ابن جريج، عن نافع، قال: ترك ابن عمر الحلق مرة أو مرتين، فقصر نواحي مؤخرة رأسه، قال: وكان أصلع، قال: قلت: لنافع: أمن لحيته؟
قال: كان يأخذ من أطرافها. وفيه عنعنة ابن جريج، وهو مدلس. وقد تفرد عبد الوهاب بذكر الصلع في الأثر، ولم يذكره غيره.
ومنها: طريق عبد الله بن عمر المكبر، عن نافع.
رواه البيهقي في شعب الإيمان (٥/ ٢٢٣)، وسنده ضعيف.
ومنها عيسى بن جعفر وحفص بن غياث، عن نافع، كما في طبقات ابن سعد (٤/ ١٣٤) وفيه الواقدي، وهو متروك. ولفظه: كان يعفي لحيته إلا في حج أو عمرة.
ومنها: عبد العزيز بن أبي رواد، عن نافع. أخرجها البيهقي في شعب الإيمان (٥/ ٢٢٠) رقم ٦٤٣٥ من طريق حبان، ثنا عبد الله، عن عبد العزيز بن أبي رواد، عن نافع به أنه كان إذا حلق في الحج أو العمرة قبض على لحيته، ثم أمر فسوى بين أطراف لحيته. وعبد العزيز بن أبي رواد متكلم فيه، ولكن حديثه هذا قد وافق فيه الثقات، وستأتي ترجمته إن شاء الله تعالى.
الطريق الثاني: مروان بن سالم بن المقفع، عن ابن عمر.
رواه أبو داود في سننه (٢٣٥٧) قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن يحيى أبو محمد، ثنا علي بن الحسن، أخبرني الحسين بن واقد، ثنا مروان - يعني ابن سالم المقفع - قال: رأيت ابن عمر يقبض على لحيته، فيقطع ما زاد على الكف.
والحديث أخرجه النسائي في السنن الكبرى (٣٣٢٩)، قال: أخبرني قريش بن عبد الرحمن، قال: أنبأ علي بن الحسن، قال: أنبأ الحسين بن واقد به. وأعاده في رقم (١٠١٣١).
ومن طريق علي بن الحسن بن شقيق أخرجه كل من الدارقطني (٢/ ١٨٥)، والحاكم (١/ ٤٢٢)، والبيهقي في السنن الكبرى (٤/ ٢٣٩).
قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، والصحيح أنه ليس على شرط واحد منهما، فإن مروان بن سالم لم يحتج به أحد منهما.
إسناده فيه لين، فيه مروان بن سالم المقفع،
ذكره ابن حبان في الثقات (٥/ ٤٢٤).
وحسن الدارقطني حديثه، فقال في سننه (٢/ ١٨٥): تفرد به الحسين بن واقد، وإسناده حسن. اهـ
وقال الحافظ في التقريب: مروان بن سالم مقبول. يعني إن توبع، وقد توبع في كون ابن عمر كان يأخذ من اللحية مطلقاً، في غير الحج.
فقد روى أبو يوسف في كتاب الآثار (٢/ ٢٣٤)، قال: حدثنا أبوحنيفة، عن الهيثم، عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يقبض على لحيته، فيأخذ منها ما جاوز القبضة. والله أعلم.
والهيثم لم ينسب، فإن كان الهيثم بن أبي سنان، فإنه يروى عن ابن عمر، فهو ثقة، وإن كان غيره فالله أعلم، وقد وقفت على نصب الراية (٢/ ٤٥٨) قال: " الهيثم بن أبي الهيثم " ولم أقف على سماعه من ابن عمر، والله أعلم، وعلى كل فهذا إسناد صالح في المتابعات، وفيه أبو حنيفة، وهو إمام في الفقه والنظر.
ووراه ابن أبي شيبة أيضاً، ولم يذكر حجاً أو عمرة، (٥/ ٢٢٥) رقم ٢٥٤٨٦ حدثنا علي بن هاشم ووكيع، عن ابن أبي ليلى، عن نافع، عن ابن عمر أنه كان يأخذ ما فوق القبضة. وقال وكيع: ما جاوز القبضة.
وهذا الأسناد فيه ابن أبي ليلى، وفي حفظه شيء، ولكنه قد توبع كما قرأت، وسبقت الإشارة إليه.
وقد يقال: إن هذه الطرق الثلاث، والتي تذكر عن ابن عمر أنه أخذ من اللحية خارج النسك، مخالفة لرواية الأحفظ من أصحاب نافع كمالك رحمه الله وغيره، فلا تكون محفوظة، والله أعلم.
الطريق الثالث: مجاهد، عن ابن عمر.
رواه ابن عبد البر في الاستذكار (٣/ ١١٧) قال: أخبرنا عبد الوارث، قال: حدثنى قاسم، قال: حدثنا الخشني، حدثني محمد بن أبي عمر العدني، قال: حدثني سفيان، قال: حدثني ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: رأيت ابن عمر قبض على لحيته يوم النحر، ثم قال للحجام: خذ ما تحت القبضة. وعنعنة ابن أبي نجيح قد زالت بالمتابعة، والله أعلم.]
قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: انتهى المبحث المشار إليه

<<  <  ج: ص:  >  >>