بأن حديث الأعرابي مجرد فعل من الرسول - صلى الله عليه وسلم -، والفعل المجرد لا يدل على الوجوب، نعم فيه دليل على استحباب المبادرة إلى إزالة النجاسة؛ لأن الماء معلوم بأنه أسرع في إزالة النجاسة من الاستحالة؛ لأن الاستحالة ربما احتاجت إلى وقت طويل كي تتحول فيه النجاسة إلى عين طاهرة؛ ولأن بقاع المساجد أحب البقاع إلى الله تعالى، وأطهرها، فيجب أن تكون هذه البقاع أطهر ما يكون وعلى أتم الاستعداد لأداء العبادة فيها بين لحظة وأخرى لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً، فالماء هو أسرع وسيلة في تطهير النجاسة وإزالتها، فمن أجل ذلك بادر بصب الماء عليها، وهذا لا يعني عدم زوال النجاسة بالجفاف، والله أعلم.
[الراجح من أقوال أهل العلم]
الراجح أن الاستحالة مؤثرة سواء في انقلاب العين الطاهرة إلى نجسة أو العكس.
قال ابن القيم: على هذا الأصل فطهارة الخمر بالاستحالة على وفق القياس؛ فإنها نجاسة لوصف الخبث، فإذا زال الموجِب زال الموجَب، وهذا أصل الشريعة في مصادرها ومواردها، بل وأصل الثواب والعقاب، وعلى هذا فالقياس الصحيح تعدية ذلك إلى سائر النجاسات إذا استحالت، وقد نَبَشَ النبي - صلى الله عليه وسلم - قبور المشركين من موضع مسجده، ولم ينقل التراب، وقد أخبر الله سبحانه وتعالى عن اللبن أنه يخرج من بين فرث ودم، وقد أجمع المسلمون على أن الدابة إذا علفت بالنجاسة، ثم حبست وعلفت بالطاهرات حَّلَ لبنها ولحمها، وكذلك الزرع والثمار إذا سقيت بالماء النجس، ثم سقيت بالطاهر