الأول: أن الحاجة لا تدعو إلى لبسه في الغالب، وإنما تدعو إليه في النادر، فلا تتعلق به رخصة عامة.
وأجيب: بأن الشرع يعلق الحكم بعلة منضبطة، ولذلك فالعلة في الفطر للمسافر هو السفر، وليس المشقة، وإن أصل الرخصة مراعاة المشقة، فكذلك العلة في المسح على الخفين لبسهما على طهارة، سواء كان اللابس لهما محتاجاً إلى ذلك أو غير محتاج، في زمن البرد وغيره، شق نزعه أو لم يشق.
[الدليل الثاني]
قالوا: إن الرخصة جاءت بالمسح على خف واحد، فلا نتعداها.
وأجيب: بأنه لم يأت شرط في الشرع بأن يكون الخف واحداً، وكون الفعل وقع على خف واحد؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان في بلاد الحجاز، وهي لا تحتاج إلى لبس خف على خف، ومجرد الفعل لا يكون شرطاً، مع أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - مسح على الموق، وقد قدمنا قول أهل اللغة في تفسير الموق، وتصححون المسح على خف ملبوس على جورب، مع أن هذا لباس على لباس.
[الدليل الثالث]
قالوا: مسح الخف بدل عن الرجل، والبدل لا يكون له بدل بالرأي، فالأبدال لا تقرر إلا من جهة الشرع، ولهذا لما كان التيمم بدلاً عن الماء لم يجعل للتيمم بدل.