بأن الخلاف ليس في لحوم الحمر الأهلية وإنما في أبدانها حال الحياة، الضمير في قوله:" فإنها رجس " عائد إلى اللحوم، وليس إلى الحمر، ونجاسة اللحوم لا يستلزم نجاسة الحيوان حال الحياة، لأن الحمار لا تحله التذكية، فإذا ذبح كان ميتة، ونجاسة الميتة معلوم من الشرع بالضرروة. ولذلك قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - ما قال لما قيل له: يا رسول الله أكلت الحمر، ولذلك أكفئت القدور بعد أن طبخت.
ويحتمل أن قوله: إنها رجس: أي حرام، فلم يتعرض الحديث للنجاسة، كما في قوله تعالى في الخمر والميسر والأنصاب والأزلام إنها رجس، أي حرام، وإلا فالميسر لا يقال: إنه نجس، وكذلك الأنصاب والأزلام، والجواب الأول أقوى؛ لأن الغالب في إطلاق لفظة " ركس " على الحيوان إنما يراد بها أنه نجس، وإن كانت تطلق على غير المأكول والمشروب ويراد بها الحرام أحياناً، والله أعلم.
[الدليل الثاني]
قالوا: إنه حيوان حرم أكله لا لحرمته، مع إمكان التحرز منه غالباً أشبه الكلب في النجاسة.
وأجيب:
بأن الكلب ورد فيه نص على نجاسة سؤره، ووجوب غسل الإناء من ولوغه سبعاً، وحرم اقتناؤه إلا لحاجة، بخلاف الحمار فإنه يجوز اقتناؤه للزينة، ولم يرد نص في غسل الإناء من ولوغه، ولم نؤمر بغسل ما أصاب ثيابنا من عرقه ولعابه، فأين وجه الشبه بين المقيس والمقيس عليه.