للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما القول بأنه يمكن التحرز منه في الغالب ففيه نظر، إذ لا يمكن لراكبه التحرز من عرقه فبدنه يلامس بدن الراكب، فيعرق بدن الحمار خاصة في البلاد الحارة، فيصيب ثياب الراكب وبدنه ولا بد.

ذكر ما أوجب للحنفية التوقف في البغل والحمار:

حيث كان التوقف في المسألة لا يعتبر دليلاً، لم أقدم ذكر أدلة الحنفية كالعادة حين ذكر الأدلة؛ لأن التوقف ليس من أدلة الشرع، والمتوقف هو ملتبس عليه الأمر، فلم يحرر في المسألة قولاً فضلاً أن يحرر دليلاً، وما أوجب لهم التوقف هو تعارض الأدلة عندهم في طهارة سؤره، وفي حكم لحمه، فجاء عندهم ما يقتضي نجاسة سؤره، وما يقتضي طهارته، وجاء عندهم ما يقتضي تحريم لحمه، وما يقتضي إباحة أكلها، فلما تعارضت الأدلة توقفوا، وجعلوا سؤرهما مشكوكاً فيه:

يقول السرخسي: " أما سؤر الحمار فطاهر عند الشافعي رحمه الله تعالى, وهو قول ابن عباس رضي الله عنهما، فإنه كان يقول الحمار يعلف القت والتبن، فسؤره طاهر.

وعندنا مشكوك فيه غير متيقن بطهارته, ولا بنجاسته؛ فإن ابن عمر رضي الله عنهما كان يقول: إنه رجس، فيتعارض قوله وقول ابن عباس رضي الله عنهما, وكذلك الأخبار تعارضت في أكل لحمه فروي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - "نهى عن أكل لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر "

وروي أن أبجر بن غالب رضي الله عنه قال: لم يبق لي من مالي إلا حميرات فقال عليه الصلاة والسلام " كل من سمين مالك " (١)، وكذلك اعتبار سؤره بعرقه يدل على طهارته, واعتباره بلبنه يدل على نجاسته, ولأن الأصل


(١) سيأتي تخريجه قريباً إن شاء الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>