فقوله «مخلصين» حال لهم في وقت العبادة، فإن الحال: هي وصف هيئة الفاعل وقت الفعل، والإخلاص هو النية.
وقال - صلى الله عليه وسلم - «إنما الأعمال بالنيات».
وأجيب:
بأن حديث «إنما الأعمال بالنيات» مطلق، وليس فيه ما يفيد أن النية إن تقدمت فليس له ما نوى، بل يحصل له ما نوى مطلقاً تقدمت النية أو صاحبت العمل، وهو لم يرفض النية، وإنما استصحب حكمها، وكما أنه يجوز استصحاب حكمها أثناء العمل، فيجوز استصحاب حكمها قبله بيسير.
دليل من اشترط دخول وقت العبادة.
لعل الحنابلة يرون أن دخول وقت العبادة هو سبب الوجوب، والنية عبادة وتقديمها على سبب وجوبها لا يجوز، ويجوز تقديمها قبل شرط الوجوب. مثال ذلك: الزكاة سبب وجوبها بلوغ النصاب، وشرط الوجوب تمام الحول لما يشترط له الحول، فتقديم الزكاة قبل بلوغ النصاب لا يجوز؛ لأنه قدم العبادة قبل سبب وجوبها، فإذا بلغ المال النصاب جاز تقديمها قبل تمام الحول: أي قبل شرط وجوبها.
مثال آخر: لو أن رجلاً أراد أن يقدم كفارة يمين قبل أن يعقدها لم تصح كفارة، لأن عقد اليمين هو سبب وجوب الكفارة، ولو أنه عقد اليمين ثم أخرج الكفارة قبل أن يحنث جاز؛ لأن الحنث هو شرط الوجوب، وتقديم العبادة على شرط وجوبها جائز، وعلى سبب الوجوب لا يجوز، والله أعلم (١).