الأول: أن الوضوء مجرد فعل من الرسول - صلى الله عليه وسلم -، والفعل المجرد لا يدل على الوجوب، أقصى ما يدل عليه الفعل إذا كان على وجه التعبد أن يكون ذلك مستحباً، ولذلك لما تيمم الرسول - صلى الله عليه وسلم - لرد السلام لم يقل أحد بوجوب التيمم لرد السلام.
الثاني: أن الوضوء قد يكون بعد القيء من أجل النظافة، وإزالة القذر الذي يبقى في الفم، أو في البدن وربما في الأنف، لا من أجل كون القيء ناقضاً للوضوء، فلا نستطيع أن نحكم على من تطهر بموجب الكتاب والسنة أن نحكم عليه بفساد عبادته إلا بدليل صريح على أن عبادته أصبحت باطلة، فما صح بموجب الكتاب والسنة لا يبطل إلا بدليل من كتاب أو سنة أو إجماع، أو قول صحابي لا مخالف له من الصحابة.
دليل من قال بطهارته مطلقاً:
[الدليل الأول]
الأصل في الأشياء الطهارة، ولا ننتقل عن هذا الأصل إلا بدليل شرعي صحيح، وحديث عمار لا تقوم به حجة، وهو ضعيف جداً، كما سبق بيانه عند تخريج الحديث.
[الدليل الثاني]
أن هذا القيء مما تبتلى به الأمهات، ويكثر من الأطفال، فلو كان نجساً لقامت الحاجة إلى بيانه بدليل صحيح صريح، لأننا نعلم أن كل حكم شرعي تحتاج إليه الأمة، ويكثر وقوعه وتكراره لا بد أن تأتي فيه الأدلة صحيحة صريحة بما تقوم به الحجة على الخلق، ويحفظ به الشرع عن رب العالمين، فلا يمكن أن يكون القيء نجساً، وهو لا تكاد تسلم أم من التلوث به، ثم مع ذلك لا يأتي في نجاسته إلا حديث ضعيف جداً، فهذا مما يجعل الباحث يجزم بطهارته.