من النظر: أن النجاسة عين خبيثة لها طعم، أو لون، أو رائحة. والمطلوب هو إزالة كل ذلك، فإذا ذهب طعمها, ولونها ورائحتها بأي مزيل زال حكمها، وأصبح المحل طاهراً، والحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً.
[دليل الشوكاني على تقسيمه النجاسة إلى ثلاثة أقسام.]
احتج الشوكاني: أن ما نص الشارع على تطهيره بالماء، كنجاسة دم الحيض، وبول الأعرابي إذا كان على الأرض، وبول الجارية، ونحوها. لا يجوز العدول إلى غير الماء. والتعليل: لأن الشارع لما نص على الماء تعين، ولأن الماء لا يساويه غيره في قوة التطهير.
أما النوع الذي نص على تطهيره بغير الماء كطهارة النعلين، وذيل المرأة بالتراب، وكالاستنجاء بالحجارة، فهذا النوع يجوز الاقتصار على التراب والأحجار لورود النص به. ويجوز العدول إلى الماء؛ لأن الماء أقوى من غيره في التطهير.
وأما النجاسة التي لم ينص الشارع على مادة تطهيرها، فيجب الاقتصار على الماء؛ لأن تطهيره بالماء متيقن، وطهارته بغير الماء مشكوك فيها، فلا نترك اليقين إلى الشك (١).
وظاهر هذا القول القوة، ولكن عند التأمل تراه ظاهرية واضحة، إذ لا فرق بين أن تكون النجاسة على ذيل المرأة فتزال بالأحجار، أو تكون على وسط الثوب فيتعين الماء كطهارة بول الجارية، فإن بول الجارية أرشد الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى تطهيره بالماء.