للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المبحث الخامس:

في الجهر بالنية

ومع أن محل النية عند الفقهاء هو القلب، فقد اختلف الفقهاء في الجهر بالنية باللسان،

فقيل: لا يشرع، وحكي إجماعاً (١)،

واستثنى بعضهم الحج (٢).

وقيل: يستحب التلفظ بالنية، وهو قول في مذهب الحنفية (٣)،


(١) قال ابن تيمية في الفتاوى الكبرى (١/ ٢١٤): وقد اتفق الأئمة على أن الجهر بالنية وتكريرها ليس بمشروع، بل من اعتاده فإنه ينبغي له أن يؤدب تأديبا يمنعه عن التعبد بالبدع، وإيذاء الناس برفع صوته، والله أعلم.
وقال ابن تيمية كما في الفروع (١/ ١٣٩): واتفق الأئمة أنه لا يشرع الجهر بها، ولا تكريرها، بل من اعتاده ينبغي تأديبه، وكذا بقية العبادات، وقال: الجاهر بها مستحق للتعزير بعد تعريفه، لا سيما إذا آذى به أو كرره، وقال: الجهر بلفظ النية منهي عنه عند الشافعي وسائر أئمة الإسلام، وفاعله مسيء، وإن اعتقده دينا خرج عن إجماع المسلمين، ويجب نهيه، ويعزل عن الإمامة إن لم ينته. اهـ

ولعل الاتفاق يقصد به اتفاق أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد دون أصحابهم، فإن الخلاف بين أصحاب المذاهب محفوظ في استحباب الجهر بها، ولذلك قال ابن تيمية في الفتاوى الكبرى (٢/ ٩٠): التلفظ بها هل هو مستحب أم لا؟ هذا فيه قولان معروفان للفقهاء، منهم من استحب التلفظ بها، كما ذكر ذلك من ذكره من أصحاب أبي حنيفة والشافعي وأحمد، وقالوا: التلفظ بها أوكد، واستحبوا التلفظ بها في الصلاة والصيام والحج وغير ذلك، ومنهم من لم يستحب التلفظ بها، كما قال ذلك من قاله من أصحاب مالك وأحمد وغيرهما. اهـ
(٢) قال في الإقناع (١/ ٢٤): والتلفظ بها وبما نواه هنا وفي سائر العبادات بدعة، إلا في الإحرام، واستحبه سراً مع القلب كثير من المتأخرين، ومنصوص أحمد وجميع المحققين خلاف هذا إلا في الإحرام. اهـ
(٣) قال ابن عابدين في حاشيته (١/ ١٠٨): وهل يستحب التلفظ بها - يعني: النية- أو يسن أو يكره؟ فيه أقوال، اختار في الهداية الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>