للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال ابن تيمية: الاستنجاء من المني فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه على الدوام، ولا أعلم إخلالهم به بحال (١).

وأما الدليل النظري:

فإنه يستحب أن يغسل فرجه قبل ضوئه؛ لأنه إذا أخر غسل الفرج، فإنه إن مس فرجه انتقض وضوؤه، وإن لم يمسه أخل بسنة الدلك، وربما لا يتقين وصول الماء إلى مغابنه إلا بالدلك (٢).

وقد استدل الحنفية والمالكية بهذا الحديث على نجاسة المني، وذلك لكونه استنجى من المني فغسل فرجه، وليس بصواب، فإن الغسل ليس مقصوراً فقط على النجاسة، فقد يكون الغسل للنظافة، أو من أمر مستقذر وإن لم يكن نجساً، وقد يكون الغسل من مذي أصابه، وهو نجس، فلا يصح الحديث دليلاً على نجاسة المني، وقد يكون الغسل حتى لا يحتاج إلى مسه بعد ذلك، فيبطل وضوؤه (٣).


(١) شرح العمدة (١/ ١٦٢)، وقال أيضاً في مجموع الفتاوى (٢١/ ٥٩٤): الاستنجاء منه مستحب، كما يستحب إماطته من الثوب والبدن، وقد قيل: هو واجب، كما قد قيل: يجب غسل الأنثيين من المذي، وكما يجب غسل أعضاء الوضوء إذا خرج الخارج من الفرج، فهذا كله طهارة وجبت لخارج، وإن لم يكن المقصود بها إماطته وتنجيسه، بل سبب آخر، كما يغسل منه سائر البدن، فالحاصل أن سبب الاستنجاء منه ليس هو النجاسة، بل سبب آخر، فقولهم: يوجب طهارة الخبث، وصف ممنوع في الفرع، فليس غسله من الفرج للخبث، وليست الطهارات منحصرة في ذلك كغسل اليد عن القيام من نوم الليل، وغسل الميت، والأغسال المستحبة، وغسل الأنثيين وغير ذلك، فهذه الطهارة إن قيل بوجوبها، فهي من القسم الثالث، فيبطل قياسه على البول؛ لفساد الوصف الجامع. اهـ
(٢) شرح العمدة (١/ ٣٧٠).
(٣) وقد ذكرت خلاف العلماء في حكم المني من حيث الطهارة والنجاسة، وأدلة كل فريق في مبحثين: أحدهما في كتاب أحكام النجاسة، وفي كتاب الاستنجاء من المني، فانظره هناك في مبحث مطول، فلله الحمد.

<<  <  ج: ص:  >  >>