أن الطهارة الكبرى متضمنة للطهارة الصغرى، فالأكبر متضمن لغسل الأعضاء الأربعة، فيتداخلان، كما أن الوضوء إذا تعددت أسبابه، أو تكرر السبب الواحد تداخلا، ولم يجب لكل سبب وضوء، والغسل إذا اختلفت أسبابه، أو تكرر السبب الواحد كذلك، فالطهارة الصغرى تدخل في الطهارة الكبرى وتغني عنها.
[الدليل الرابع]
أن تقديم الوضوء لم يكن من أجل رفع الحدث الأصغر، بل هو غسل في صورة وضوء، فتقديمه لأعضاء الوضوء بمنزلة تقديم اليمنى على اليسرى في الوضوء، والدليل على أنه توضأ بنية الغسل، ولم يكن بنية رفع الحدث الأصغر، قوله - صلى الله عليه وسلم - لأم عطية واللواتي غسلن ابنته:
اغسلنها، وابدأن بمواضع الوضوء منها. متفق عليه (١).
فجعل الأمر موجه للغسل، وجعل ابتداء الغسل إنما هو لمواضع الوضوء، فهو لم يكن وضوءاً بنية رفع الحدث، وإنما كان غسلاً مقدماً فيه أعضاء الوضوء لشرفها، هذا من جهة، ومن جهة أخرى: فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا بدأ بمواضع الوضوء، ثم غسل سائر جسده، لم يكن يغسل أعضاء الوضوء مرة أخرى، بل كان يكتفي بغسلها في أول الأمر، ولو كان غسله الأعضاء بنية رفع الحدث الأصغر لاحتاج إلى غسلها مرة أخرى بنية رفع الحدث الأكبر، قال ابن تيمية رحمه الله تعالى: ((الذين نقلوا لنا صفة غسله كعائشة رضي الله عنها