قالوا: إن حكمهما بعد أن يطعما واحد وهو الغسل، فكذلك حكمهما قبل أن يطعما واحد وهو الاكتفاء بالرش، وهذا القول من أضعف ما قيل في المسألة، فلم يأخذ بالعموم في وجوب غسل الأبوال كلها من غير فرق بين بول الصبي والجارية، ولم يأخذ بأحاديث الباب في استثناء بول الغلام الذي لم يأكل الطعام، فأخذ ببعض الأحاديث الواردة في الغلام قبل أن يطعم، وألغى نص هذه الأحاديث في التفريق بين الغلام والجارية.
دليل ابن حزم على التفريق بين بول الذكر مطلقاً وبول الأنثى.
لعله نظر إلى ظاهر الأحاديث، فوجد أن التفريق بين الغلام والجارية ثابت، والغلام في اللغة العربية الأصل فيه أنه يطلق على الصغير طعم أو لم يطعم، وقال الأزهري: سمعت العرب تقول للمولود حين يولد ذكراً غلام، وسمعتهم يقولون للكهل: غلام، وهو فاش في كلامهم (١). اهـ هذا من جهة، ومن جهة أخرى فالأحاديث المرفوعة لم تذكر قيد الإطعام.
فهذا حديث أبي السمح قال: يغسل من بول الجارية، ويرش من بول الغلام.
وحديث أم الفضل: إنما يغسل بول الجارية، ويصب على بول الغلام.
فعموم الأحاديث القولية لم تشترط الإطعام.
والأحاديث التي اشترطت عدم الإطعام إما موقوفة كما في أثر علي رضي الله عنه، وأثر أم سلمة، وابن حزم لا يحتج بقول الصحابي، وإما ضعيفة، وإما حكاية فعل لم يقصد فيها التقييد، كما في حديث أم قيس بنت