بالجهل فيه، وهذا ينطبق على من نسي الماء، وهو في رحله، وصلى بالتيمم، فإنه يطالب بفعله؛ لأنه من باب المأمورات، أرأيت لو أن الرجل نسي الطهارة، وصلى بدونها، لزمته إعادة الصلاة، فكذلك نسيان الماء، فإنه بمنزلة نسيان الطهارة الواجبة عليه. وهذا من أقوى أدلتهم (١).
ويجاب:
النزاع: هل يعتبر من نسي الماء، عاجزاً شرعاً عن استعماله، أو ليس بعاجز؟ فإن اعتبرناه عاجزاً عن استعمال الماء لم يكن تاركاً للمأمور، لأنه حينئذ لم يكن مأموراً بما عجز عنه شرعاً، وكان المأمور به في هذه الحال هو التيمم، وإن اعتبرناه في حالة النسيان ليس بعاجز شرعاً، صدق عليه أنه ترك ما هو مأمور فيه، فلا يعذر بالجهل والنسيان، ونحن نذهب إلى أن من نسي وجود الماء، وطلب الماء، وأمعن في طلبه، فلم يجده، أنه عاجز عن استعماله حالة نسيانه، وتيممه وصلاته إنما وقع في هذه الحالة، أعني حالة العجز، فلا يكون قد ترك المأمور، وفرق بين ترك الوضوء إلى غير بدل، وبين ترك الوضوء إلى بدل آخر، والله أعلم.
[الدليل الثاني]
أن التيمم إنما يصح بشرطين: عدم الماء، أو عدم القدرة على استعماله، وهذا واجد للماء، وقادر على استعماله، إلا أنه جاهل بالوجود والقدرة، والجهل عذر في رفع الإثم، لا في إسقاط الواجب المأمور به، كما قلنا: في صلاته، ناسياً الحدث، فإنه يجب عليه أن يتطهر ويصلي، فكذلك هنا.