يجر العمل به، كان هذا الفرد غير مراد، وعليه فالمطلق في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أعفوا اللحى" غير مراد، لعدم جريان العمل به، فقد ثبت عن السلف الأخذ من اللحية، وكان معروفاً عندهم، وفيهم من روى العموم المذكور، كابن عمر، وحديثه في الصحيحين، وأبي هريرة وحديثه في مسلم وغيرهما. اهـ وسوف أسوق الآثار عن الصحابة في أدلة القول الثاني إن شاء الله تعالى.
ولا يقال: إن فعل الصحابة يعارض النص، نعم يعارض النص لو أن ما جاء عن الصحابة يقتضي حلق اللحية، والنص يأمر بإعفاء اللحية، فحينئذ يقال: بينهما تعارض؛ لأنه يلزم من فعل هذا إبطال ذاك، أما الإعفاء فحقيقته لفظ مجمل، يصدق عليه إذا ترك اللحية حتى تكثر، فإذا أخذ ما زاد على القبضة لا يقال: إن هذا لم يعف لحيته، والله أعلم.
الدليل الثاني على كراهة الأخذ من اللحية خارج النسك:
أن فعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - مبين لقوله - صلى الله عليه وسلم -: " أعفوا اللحى " حيث لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا قولاً ولا فعلاً أنه أخذ من لحيته، فيكون فعله مبيناً للمجمل في أمره - صلى الله عليه وسلم - بإعفاء اللحية، وقول الشارع لا يقيده إلا نص منه، فالمطلق باق على إطلاقه، وكذا العام، وفعل الراوي ليس بحجة، لأن الحجة فيما روى، لا فيما رأى، خاصة أن فعله لم ينسبه للشرع، وقد يفهم الراوي خلاف المراد، وإن كان هذا نادراً، وقد ينسى، ويبقى الشأن ليس للرواي عصمة، وإنما العصمة للنص، والله أعلم.
أدلة القائلين بالأخذ من اللحية.
[الدليل الأول]
(٥٧٤ - ١٣٨) روى البخاري في صحيحه، قال: قال: حدثنا محمد