فقولكم: إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يقول الذكر قبل دخول الخلاء، إذا سلم ذلك فيكون دليلاً على استحباب هذا الذكر قبل الدخول، ولا يلزم منه كراهية ذكره بعد الدخول؛ لأن ترك المستحب لا يلزم منه ارتكاب المكروه، مع أن رواية الأكثر للحديث كان يقول إذا دخل الخلاء، وتفرد بقوله: إذا أراد أن يدخل راو ليس بالقوي.
وأما حديث تركه رد السلام على من سلم عليه، فقد سبق الجواب عليه، ولا نجتهد العلة وقد نص عليها:" إني كرهت أن أذكر الله على غير طهر"
وأما حديث وضع الخاتم، فقد علمتم أنه معلول.
وأما قولكم: إن فيه تكريماً لذكر الله، فنحن لا نذكر الله إلا تكريماً وتعظيماً له.
وأما النهي عن قراءة القرآن حال الركوع والسجود، فكون العلة هي تعظيم القرآن حال الخضوع والذل، فهي علة مستنبطة، فقد تكون هي العلة، وقد تكون غيرها، فلا تخصص الأحاديث المطلقة الآمرة بذكر الله على كل حال، وعلى فرض أن تكون هي العلة، فلا يستوي كلام الله الذي هو صفته بسائر الأذكار الذي هو من كلام المخلوقين، فالفرق بين كلام الله وبين سائر الأذكاركالفرق بين الخالق والمخلوق. فتبين بهذا أنه لا يقوم دليل يخصص الآيات والأحاديث الآمرة بذكر الله تعالى، والله أعلم.
[الدليل الثالث]
(١٩١ - ٣٥) ما رواه البخاري، قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جرير، عن منصور، عن سالم، عن كريب،