ولو كانت العلة صيانة المسجد لما أذن الشارع للمستحاضة في دخول المسجد والاعتكاف فيه مع خروج الدم، فعلم بهذا أن العلة ليست صيانة المسجد من التلويث. نعم الحديث لا يصلح دليلاً على اشتراط رفع الحدث الأصغر؛ لأن الحديث في الطهارة من الحيض، وهو من الحدث الأكبر، وبالتالي الحديث يبقى دليلاً على اشتراط الطهارة من الحيض فقط، وليس كل شيء اشترط له رفع الحدث الأكبر يلزم منه رفع الحدث الأصغر، فقراءة القرآن على مذهب الجمهور تجوز للمحدث حدثاً أصغر، ويمنع الجنب من القراءة عندهم، فليس بينهما تلازم.
[الدليل الثالث]
(٣٣٥) ما رواه البخاري، رحمه الله، قال: حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب عن الزهري، حدثني عروة بن الزبير وأبو سلمة بن عبد الرحمن،
أن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرتهما، أن صفية بنت حيي زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - حاضت في حجة الوداع فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أحابستنا هي؟ فقلت: إنها قد أفاضت يا رسول الله، وطافت بالبيت، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: فلتنفر. ورواه مسلم (١).
وجه الاستدلال من الحديث:
وجه الاستدلال منه كالاستدلال بالحديث الذي قبله، والجواب عن ذلك هو الجواب عنه.