والثاني: أن العلة في منع تناولهما مختلفة فلا يصح القياس ; لأن المنع من الدم لكونه مستخبثاً, والمنع من الخمر لكونها سببا للعداوة والبغضاء وتصد عن ذكر الله وعن الصلاة كما صرحت به الآية الكريمة.
قلت: والعجب كيف يقال: إنه لا ضرر فيه، مع أن العقل والنقل دالان على أضرار الخمر، وأي ضرر أكبر من كونه يصد عن ذكر الله، وعن الصلاة، هذا مع ما يقع بسببه من العدواة والبغضاء بين المسلمين، فضلاً عما قد يؤول إليه الأمر من مضاره التي لا تحصى، فقد يؤدي إلى إهلاك الحرث والنسل والمال والعيال،، وخسارة الدنيا والآخرة، كما هو معلوم، نسأل الله العافية.
هذه أضراره الدينية، وأضرراه البدنية قد تكلم فيه الأطباء، بما لا مجال لذكره هنا.
[الدليل الخامس]
أن الخمرة نجسة تغليظاً وزجراً عنها، قياساً على الكلب، نقله النووي عن الغزالي، واستحسنه (١).
وأجيب:
بأن هذا الدليل ليس من أدلة الشرع المتفق عليها ولا المختلف فيها، والكلب ليست نجاسته من باب الزجر والتغليظ، ولو قلنا: بأن الزجر والتغليظ سبب في النجاسة لنجسنا كثيراً من المحرمات مما لم يقل أحد بنجاستها، كنجاسة التماثيل والأصنام، لكونها من أشد المحرمات.