للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بناء مكة لزمها طواف الوداع لزوال عذرها، وإن كان بعد مسافة قصر لم يلزمها العود بلا خلاف" (١).

[دليل من علق الرجوع ما لم تفارق البنيان.]

قالوا إذا لم تفارق البنيان فهي في حكم المقيمة، وليست في حكم المسافرة، بدليل أنها لا يمكن أن تستبيح رخص السفر. وإذا كانت مقيمة وجب عليها الطواف, لأنها مخاطبة به، مثلها مثل من لم يشرع في السفر.

قال ابن قدامة: "إذا نفرت الحائض بغير وداع، فطهرت قبل مفارقة البنيان، رجعت فاغتسلت، وودعت؛ لأنها في حكم الإقامة بدليل أنها لا تستبيح الرخص، فإن لم يمكنها الإقامة فمضت، أو مضت لغير عذر، فعليها دم، وإن فارقت البنيان لم يجب الرجوع؛ لأنها قد خرجت عن حكم الحاضر" (٢).

[دليل من علق الرجوع ما لم تفارق الحرم.]

لعلهم يرون الحرم بمثابة البلد الواحد، فإن كان كذلك فهذا ليس بجيد، بدليل أن أهل مكة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلوا معه بمكة صلاة المقيم، ثم صلوا معه في منى صلاة المسافر، مع أنهم لم يفارقوا الحرم، فليس الحرم بمثابة البلد الواحد. والله أعلم.

والراجح والله أعلم أن حكم المرأة في هذا معلق بالترخص في أحكام السفر، فإذا بدأت تترخص في أحكام السفر لم يجب عليها الرجوع، ومعلوم أن المسافر يحق له الترخص في أحكام السفر متى فارق البينان. والله أعلم.


(١) النووي في المجموع (٨/ ٢٥٥).
(٢) المغني (٥/ ٣٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>