لعله قال ذلك احتياطاً، وخروجاً من الخلاف، فلم يبلغ الدليل عنده من القوة ما يجعله يجزم بالوجوب، ورأى أن الاحتياط في الترغيب في مسحه فاستحبه، خاصة أن فيه من الأدلة ما يدل على غسل ظاهر اللحية،
(٩٥٣ - ١٨٢) كما في الحديث الذي رواه مسلم، قال: حدثني أحمد بن جعفر المعقري، حدثنا النضر بن محمد، حدثنا عكرمة بن عمار، حدثنا شداد بن عبد الله أبو عمار ويحيى بن أبي كثير، عن أبي أمامة - قال عكرمة: لقي شداد أبا أمامة وواثلة وصحب أنساً إلى الشام وأثنى عليه فضلا وخيرا -
عن أبي أمامة، قال: قال عمرو بن عبسة السلمي ما منكم رجل يقرب وضوءه، فيتمضمض، ويستنشق فينتثر إلا خرت خطايا وجهه وفيه وخياشيمه، ثم إذا غسل وجهه كما أمره الله إلا خرت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء. الحديث.
فقوله: من أطراف لحيته مطلق، يشمل اللحية المسترسلة وغيرها. والله أعلم.
[الراجح]
أن اللحية المسترسلة لا يجب غسلها، لقوة أدلة القائلين بعدم الوجوب، وأما قولهم: إنها تحصل بها المواجهة لا يكفي في الوجوب، فالرقبة متصلة بالوجه، وتحصل بها المواجهة ولا يجب غسلها، فكيف بالشعر النازل عن حد الرقبة، وأما حديث «مع أطراف لحيته» فلا يشعر بالوجوب، قد يشعر بالاستحباب، مع أن الحديث ليس نصاً في اللحية المسترسلة، والله أعلم.