ثالثاً: أما الجواب عن القول بأن الماء لا ينجس إلا بالتغير، فنقول: هذه مسألة خلافية، وإن كنا نعتقد أن الصحيح أن الماء لا ينجس إلا بالتغير، وإذا حكمنا بنجاسة الماء في ولوغ الكلب لم يلزم منه أن نقول بنجاسة كل ماء قليل حلت فيه نجاسة ولو لم يتغير؛ لأن الكلاب خصت ببعض الأحكام من دون سائر النجاسات، فمنها التسبيع، ومنها التتريب، فلا يقاس الأخف على الأغلظ.
على أنه قد يقال: لا نسلم عدم التغير؛ لأن لعاب الكلب له لزوجة قد لا تتحلل في الماء فتظهر على شيء منه، فيكون هذا نوعاً من تغير الماء عن طبيعته بالنجاسة، فينجس والله أعلم.
وأما قول ابن العربي رحمه الله تعالى: إن لفظ الطهارة لا يقتضي النجاسة فليس بصواب، لأننا نقول: الطهارة إما أن تكون عن حدث وإما أن تكون عن نجاسة، والأمر بتطهير الجنب إنما هو عن حدث، وأما غسل الإناء فلا يمكن أن يحمل على طهارة الحدث، فيكون المقصود به طهارة الخبث، وأما حديث " السواك مطهرة " فالمقصود به الطهارة اللغوية: وهي النظافة، وآية الصدقة المقصود بها الطهارة من الذنوب، فهي طهارة معنوية.
[الدليل الثاني]
(١٥١٣ - ٤١) ما رواه أحمد، من طريق عيسى يعني: ابن المسيب، حدثني أبو زرعة
عن أبي هريرة قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يأتي دار قوم من الأنصار، ودونهم دار قال: فشق ذلك عليهم فقالوا: يا رسول الله سبحان الله تأتي دار فلان،