وعلى فرض أن اللفظ ورد بالنصب، فإنه لا يمكن منع أنه ثبت في صحيح مسلم من طريقين مستقلين:
النهي عن البول في الماء الراكد من حديث جابر، والنهي عن الاغتسال في الماء الدائم، وهو جنب دون تعرض للبول.
فيكون قد ورد النهي عن البول منفرداً، وعن الاغتسال منفرداً، وعن الجمع بينهما على تقدير أن تكون رواية النصب محفوظة، والله أعلم.
[الراجح]
بعد استعراض أدلة الأقوال نجد أن القول بأن اغتسال الجنب في الماء الدائم مكروه، وليس بحرام، هو القول القوي من حيث التعليل، كما أن هذا القول وسط بين قولين: القول بالتحريم مطلقاً، والقول بالجواز إذا غسل ما به من أذى، والله أعلم.
= وليس النقاش في ثبوت النهي عن الاغتسال في الماء الدائم للجنب، وإنما جمع الحديثين في حديث واحد انفرد به ابن عجلان في سائر من روى الحديث، وانفراده يوجب ريبة أن الحديث بهذا اللفظ لم يثبت، وقد اختلف على ابن عجلان أيضاً في إسناده. كما روى الحديث جماعة عن أبي هريرة في الصحيحين وغيرهما، لم يذكروا ما ذكره محمد بن عجلان: منهم: محمد بن سيرين، وهو من أثبت أصحاب أبي هريرة، وهمام، والأعرج من غير طريق ابن عجلان، وحميد بن عبد الرحمن، وخلاس بن عمرو، وعطاء بن مينا، وأبو عثمان مولى المغيرة بن شعبة، وأبو مريم، فهؤلاء ثمانية رواة رووه عن أبي هريرة، ولم يقل واحد منهم ما قاله ابن عجلان، عن أبي الزناد، عن أبي هريرة بجمعه حديثين في حديث واحد، وإذا أحببت أن تقف على بيان تخريج ذلك من مصادر كتب السنة فانظر تخريجه في كتاب أحكام الطهارة من هذه السلسلة (أحكام المياه والآنية) في فصل: حكم الماء المستعمل في رفع الحدث. والله أعلم.