بعد استعراض القولين وأدلتهما، يمكننا القول بأن من تحقق عدم الماء فإنه يتيمم من غير طلب؛ لأن طلب الماء حينئذ سيكون نوعاً من العبث، وأما من كان لا يتحقق عدم الماء، فإنه يلزمه طلب الماء؛ لأن الوضوء واجب إجماعاً، فيجب طلب الماء للقيام به؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، ومن شرط صحة التيمم عدم وجود الماء، ويبطل إذا وجد الماء، فكيف يصح تيممه، والاحتمال قائم بأن الماء قد يكون موجوداً حوله.
ويمكن لنا أن نقسم حال الإنسان إلى أقسام:
الأول: أن يعلم أن الماء غير موجود، كما لو كان في مفازة من الرمال، ولا يوجد بها أثر من حياة، فهذا يتيمم، وليس عليه الطلب. والله أعلم.
الثاني: أن يغلب على ظنه بناء على أمارات معينة، فيعمل بغلبة الظن، سواء غلب على ظنه عدم الماء، فلا يلزمه الطلب، أو غلب على ظنه وجود الماء، فيجب عليه الطلب حينئذ.
الثالث: أن يشك في وجود الماء، فيجب عليه الطلب حتى يصل إلى اليقين أو إلى غلبة الظن، فيعمل بموجبها.
الرابع: أن يتوهم الأمر، فيجب عليه الطلب، سواء كان الوهم في وجود الماء أو عدمه.