الحكمة من مشروعيتها تمييز العبادات عن العادات، وتمييز ما كان لله سبحانه وتعالى عما كان لغيره، وكذلك تمييز العبادات بعضها عن بعض، فهذه فريضة، وهذه نافلة.
فالصيام مثلاً قد يكون حمية، وقد يكون قربة، والغسل قد يكون تبرداً ونظافة، وقد يكون عبادة، ولا يميز هذا عن ذاك إلا النية.
قال في مواهب الجليل، في بيان حكمة مشروعيتها: وحكمة ذلك والله تعالى أعلم تمييز العبادات عن العادات، ليتميز ما هو لله تعالى عما ليس له، أو تتميز مراتب العبادات في أنفسها لتمييز مكافأة العبد على فعله، ويظهر قدر تعظيمه لربه، فمثال الأولى: الغسل، يكون عبادة وتبرداً، وحضور المساجد يكون للصلاة وفرجة، والسجود لله أو للصنم.
ومثال الثاني الصلاة: لانقسامها إلى فرض ونفل، والفرض إلى فرض على الأعيان، وفرض على الكفاية، وفرض منذور وفرض غير منذور، ومن هنا يظهر كيفية تعلقها بالفعل فإنها للتمييز، وتمييز الشيء قد يكون بإضافته إلى سببه كصلاة الكسوف والاستسقاء والعيدين، وقد يكون بوقته كصلاة الظهر أو بحكمه الخاص به كالفريضة، أو بوجود سببه كرفع الحدث، فإن الوضوء سبب في رفع الحدث، فإذا نوى رفع الحدث ارتفع وصح الوضوء، ولما كانت حكمة مشروعيتها ما ذكر كانت القرب التي لا لبس فيها لا تحتاج إلى نية، كالإيمان بالله وتعظيمه وجلاله والخوف من عذابه والرجاء لثوابه والتوكل عليه والمحبة لجماله وكالتسبيح والتهليل وقراءة القرآن وسائر